- الباب الفقهي
- فقه الأسرة / النكاح
- المفتي
- لجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي
- عنوان الفتوى
- ملكة اليمين
- السؤال
- رجل مسلم في عصمته أربع زوجات، كيف يمارس الجنس مع ما ملكت أيمانكم بصورة شرعية، وهل هنالك عقد شرعي في هذه المسألة بالذات؟
- الجواب
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إنّ الإسلام حرص على معالجة ظاهرة الرق المنتشرة في المجتمعات آنذاك وضيق أسبابها، ووسع باب إنهائها بالعتق، ومنها الأمة إن استولدها سيدها، فهي أم ولد تعتق بعد وفاته، وكذلك حفظ الأنساب فالحق هذا الولد بابيه ونسبه إليه.
ولذا حددت الشريعة الإسلامية نوعين للعلاقة الشرعية بين الرجل والمرأة يحل له من خلالهما وطأها، وهما عقد النكاح الصحيح وملك اليمين، قال تعالى: ( وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ 5 إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ 6 فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ 7 )(1)، وقيدت الشريعة الأول بأربع وأطلقت الثاني من غير تحديده بعدد، قال تعالى: ( فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا )(2).
ومن مقاصد هذه التشريعات هو حفظ النسل والأنساب، وإذا كان ذلك جليا في عقد النكاح الصحيح، فقد شرع الإسلام ما يحفظه بالنسبة لملك اليمين، وقد أطلق عليه الفقهاء مصطلح الاستيلاد، وهو مصدر استولد الرجل المرأة إذا أحبلها(3)، سواء أكانت حرة أم أمة.
وعرفه السادة الحنفية، هو أن: تصير الجارية أم ولد(4)؛ وأم الولد هي: الأمة التي ولدت من سيدها في ملكه(5).
وهو مشروع إذ لا خلاف في إباحة التسري ووطء الإماء وان يستولد منهن، للآيات التي سبق ذكرها، وقد كانت مارية القبطية أم ولد النبي صلى الله عليه وسلم حيث ولدت له إبراهيم، وكان لكثير من الصحابة رضي الله عنهم أمهات أولاد ، والأصل في الاستيلاد قول النبي عليه الصلاة والسلام: «أيما امرأة ولدت من سيدها فهي حرة بعد موته»(6).
عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: ذُكرت أم إبراهيم (يعني مارية القبطية) عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: «أعتقها ولدُها»(7).
فقد يرغب الشخص في الأولاد ولا يتيسر له ذلك من الحرائر، وأباح الله له أن يتسرى من تلد له، ومن تحمل من سيدها تعتق عليه بموته من كل ماله تبعا لولدها.
وذهب جمهور الفقهاء - وعليه أكثر التابعين - على أن السيد لا يجوز له في أم ولده التصرف بما ينقل الملك، فلا يجوز بيعها، ولا وقفها، ولا رهنها، ولا تورث، بل تعتق بموت السيد من كل المال ويزول الملك عنها(8).
والأصل فيه خبر: ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما, أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْعِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ , وَقَالَ: «لَا يُبَعْنَ وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُورَثْنَ , يَسْتَمْتِعُ بِهَا سَيِّدُهَا مَا دَامَ حَيًّا فَإِذَا مَاتَ فَهِيَ حُرَّةٌ»(9). وأما ولدها فاتفق الفقهاء على أنه حر ويلحق نسبه بابيه الذي استولدها، ولا خلاف فيه(10).
ولا يؤثر إقامة العلاقة مع ملك اليمين على القسمة بين الزوجات، وأما شرعية إقامة العلاقة معها فهي امتداد لملك اليمين فمن ملكها ملك الاستمتاع بها لنفسه .
والله أعلم.
(1)سورة المؤمنون: 5-7.
(2)سورة النساء:3.
(3) المعجم الوسيط للزيات وآخرين، 2/1056.
(4)بدائع الصنائع للكاساني 4 / 123.
(5)المغني لابن قدامة 9 / 527
(6)أخرجه أحمد: (2759)، وابن ماجه (2515) . واسناده ضعيف وله متابعات تقويه.
(7)أخرحه ابن ماجه: (2516)، وهو صحيح السند، وجَودَ إسناده الحافظُ ابن حجر في «الدراية» 2/87، وابنُ القطان كما في «نصب الراية للزيلعي» 3/287.
(8)بدائع الصنائع للكاساني،4 / 130، وحاشية الدسوقي 4 / 410- 411، ومغني المحتاج للشربيني 6/ 515، والمغني لابن قدامة 9 / 527- 528
(9)أخرجه الدارقطني مرفوعا وموقوفا على عمر: 4247، و4249، قال ابن القطان: وعندي أن الذي أسنده خير ممن وقفه، نصب الراية 3 / 288
(10)بدائع الصنائع للكاساني 4/ 124، ومنح الجليل شرح مختصر خليل 9/ 481، مغني المحتاج للخطيب الشربيني 6/ 516، والمغني لابن قدامة 5/160، والشرح الكبير12/ 392، والمحلى لابن حزم 8/ 207، ومراتب الاجماع له 163.
- الموضوع الفقهي
- أحكام ملكة اليمين
- عدد القراء
- 193