- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور طه أحمد الزيدي
- عنوان الفتوى
- عقد النكاح والطلاق عبر الأجهزة الحديثة
- السؤال
- محامية تسأل هل يتم عقد النكاح وهل يقع الطلاق عبر أجهزة الاتصال الحديثة سواء بمحادثة جماعية أو مكالمة أو رسالة صوتية أو مكتوبة؟
- الجواب
-
من المعلوم إن أجهزة الاتصال الحديثة تعد من طرق التواصل بين طرفين أو اكثر، ويعتد بما يجري من خلالها من عقد أو اتفاق بين الطرفين، وأقر ذلك مجمع الفقه الإسلامي في عام 1990 م، فلو تم التعاقد بين غائبين لا يجمعهما مكان واحد، ولا يرى أحدهما الآخر معاينة، ولا يسمع كلامه، وكانت وسيلة الاتصال بينهما الكتابة أو الرسالة أو السفارة (الرسول)، وينطبق ذلك على البرق والتلكس والفاكس وشاشات الحاسب الآلي (الكومبيوتر) ففي هذه الحالة ينعقد العقد عند وصول الإيجاب إلى الموجه إليه وقبوله، وكذلك إذا تم التعاقد بين طرفين في وقت واحد وهما في مكانين متباعدين، وينطبق هذا على الهاتف واللاسلكي، فإن التعاقد بينهما يعتبر تعاقداً بين حاضرين.
أما ما يتعلق بإجراء عقد النكاح عبر أجهزة الاتصال الحديثة، فنجد مجمع الفقه الإسلامي مع إقراره للتعاقد بين الطرفين عبر هذه الاجهزة ولكنه استثنى بعض العقود ومنها عقد النكاح لاشتراط الإشهاد فيه، وهذا القول له وجاهته في العام الذي صدر فيه (1990م)، ونرى أن تطور الأجهزة يتطلب إعادة النظر فيه، ولاسيما ما يطلق عليه الاتصال عبر غرفة المحادثة اذ تمكن هذه الغرف الطرفين من رؤية جميع من يتواجد في الطرف الاخر ويسمع صوته، في الوقت نفسه وهذا يمكن عده اتحاد المجلس، فيمكن في هذه الصورة إجراء عقد النكاح مع مراعاة الآتي: حضور أطراف النكاح من العاقدين وولي المعقود عليها والشاهدين، ومن باب الاحتياط وزيادة في التوثق عما يجري في كل طرف وانتفاء الموانع أن يكون مع كل طرف شاهدان؛ لتكون الشهادة مستوفية مع كل طرف إن احتيج إليها، وان يوقع كل طرف على صيغة العقد الورقية ثم يتم إرسال كل نسخة من أحد الطرفين الى الآخر ليتم التوقيع عليها من قبل أطرافه في نفس مجلس المحادثة، وبذلك يكون العقد صحيحا وموثقا.
وإن قام أحد الطرفين بتوكيل طرف ثالث موجود في غرفة المحادثة ليجري العقد مباشرة مع الطرف الثاني فهذا يقطع الطريق أمام أية شبهة تطعن في صحة هذا العقد، لاتفاق الفقهاء على جواز التوكيل في عقد النكاح. وأما الطلاق عبر أجهزة الاتصال الحديثة فيقصد به إزالة عصمة الزوجة بالحديث المباشر عبر هذا الجهاز أو بإرسال رسالة مرئية أو صوتية أو مكتوبة، وهو طلاق فيه شبه؛ لأن استعمال هذه الأجهزة غير منضبط، وسوء استخدامه وارد من الزوجين والفضوليين، ويستند ما يصدر منها إلى خبر يحتمل الصدق والكذب والمكيدة والفبركة وتشابه الأصوات واحتمال أن رسالة الطلاق التي جاءت إلى الزوجة من هاتف زوجها قد كتبها غير الزوج من هاتفه، أو أرسلها إليها خطأ، فهذه جميعها تصرفات تحتمل الخطأ والظن، وبذلك لا تقوى على إزالة ما ثبت بيقين، فعقد النكاح ميثاق غليظ ويقين ولا يزول إلا بيقين، ولذلك يترجح لدينا أن الطلاق عبر هذه الاجهزة يأخذ حكم الطلاق تلفظا وكتابة، ويجوز الاعتماد عليه ويعد واقعا في حالتين:
- أن يقر الزوج بصدوره عنه؛ مع اعتبار النية في الرسالة المكتوبة.
- أو وجود شاهدين على واقعة الطلاق. وقد التفت مجمع الفقه الإسلامي الى احتمالية وقوع التزييف أو التزوير أو الغلط في العقود التي تجري عبر هذه الأجهزة فنص على أن يتم الرجوع في اثباتها إلى القواعد العامة للإثبات المعتمدة في الفقه الإسلامي. والله أعلم.
- الموضوع الفقهي
- الطلاق
- عدد القراء
- 182