رجل قال لزوجته أنت مُطَلَّقة فهل يقع الطلاق بهذا اللفظ؟ جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم من قال لزوجته أنت مطلقة
- السؤال
- رجل قال لزوجته أنت مُطَلَّقة فهل يقع الطلاق بهذا اللفظ؟ جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فان الطّلاق في الشّرع: هو حل عقد الزّواج في الحال او المآل بلفظ مخصوص معيّن.
وقد شرع الإسلام الطّلاق لهدف عظيم وهو الحفاظِ على المجتمع من الكثير من الأمراض الاجتماعيّة؛ كالحقدِ، والكراهيّة، والخيانة الزّوجيةِ، والتّي تنتشر عند حلول النّفور بين الزّوجين، وعدم تقبلهما لبعضهما البعض، وقد حرّم الشرع الطّلاق من دون سبب كتطليق الزّوجة لسببٍ بسيط، أو طلب الزّوجة للطلاق من دون سبب شرعيّ صحيح، فلم يَشرعِ الطّلاق إلا للضرورة، وعند العجز عن وجود الحلّ، والإصلاح بين الزّوجين.
وقد أجمع الفقهاء على مشروعيته، ومع هذا فقد اتفقوا على أنَّ الأصل في الطلاق الحظر والمنع ،إلا بسبب شرعي صحيح، واتفقوا على أن ألفاظ الطلاق تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ألفاظ صريحة، وهي الألفاظ الموضوعة له، التي لا تحتمل غيره، وهي لفظ الطلاق وما تصرف منه واشتق منه لغة وعرفا ؛ من فعل ماض كـ “طلقتك”، واسم فاعل كـ “أنت طالق”، واسم المفعول؛ كأن يقول: “أنت مُطَلَّقة”؛ دون المضارع والأمر؛ مثل: “تطلقين” و “اطلقي”، فلا يقع بهذه الألفاظ طلاق؛ لأنها لا تدل على الإيقاع. والصريحة يقع بها الطلاق ولو لم ينوه، سواء كان جادًّا أو هازلاً أو مازحا؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: ((ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ، وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ: النِّكَاحُ، وَالطَّلَاقُ، وَالرَّجْعَةُ))، حديث حسن رواه ابو داود والترمذي وابن ماجة والدار قطني.
القسم الثاني: ألفاظ كنائية، وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره، كأن يقول لها أنت خلية وبرية وبائن، وأنت حرة، أو: اخرجي والحقي بأهلك، اعتدّي أو حبلك على غاربك... وما أشبه ذلك.
ولا يقع الطلاق بألفاظ الكنايات، إلا بشرطين: أن ينوي الشخص الطلاق، وأن يأتي بلفظ دال عليه، فلو تلفظ الشخص بلفظ لا يدل على الطلاق لا شرعاً ولا عرفاً، وكانت نيته من ذلك اللفظ: الطلاق، فإنه لا يقع طلاقه .
وقد اختلف العلماء في قول الرجل لامرأته: (يا مُطَلَّقة ،أو انت مُطَلَّقة) بالتشديد، هل من ألفاظ صريح الطلاق، فيقع الطلاق ولا يبحث عن نيته، أو هو من ألفاظ الكنايات، فيرجع فيه إلى نية قائله، أو قرينة الحال وذلك على قولين:
القول الاول: لفظ (مُطَلّقة) من ألفاظ الطلاق الصريح فيقع دون البحث عن نيته،وهو قول أكثر أهل العلم، وهو قول عند المالكية، ومذهب الحنفية- ولكن لا يقع عندهم بلفظ التخفيف الا بالنية- ومذهب الشافعية والحنابلة والظاهرية .
القول الثاني: لفظ ( مُطَلّقة) من ألفاظ الطلاق الكنائي، فلا يقع إلا مع النيّة، وهو مذهب المالكية، ووجه عند الحنفية. وفقهاء الحنفية عندهم تفصيل في هذا اللفظ: (إذا قال لها "يا مُطلَّقة"، وقال: عنيتُ أنها مطلقة من زوج قبلي، فحينئذ ينظر،فإن لم يكن لها زوج: وقع الطلاق، ولا يلتفت إلى كلامه، وكذا لا يلتفت إلى كلامه إن كان لها زوج قبله، لكنه مات ولم يطلق، أما إن كان ذلك الزوج السابق قد طلقها فعلا، فإن كان الزوج لم ينو بكلامه الإخبار: طلقت، وإن قال عنيت به الإخبار عن الطلاق السابق، ولو قال: أردت به الشتم فإنه يُديَّن فيما بينه وبين الله تعالى ولا يدين في القضاء) . [ ينظر: المحيط البرهاني :3/207، والفتاوى الهندية: 1 / 355] .
والمفتى به:
هو ما ذهب إليه الجمهور أصحاب القول الأول من أن لفظ ( مُطَلّقة) من ألفاظ الطلاق الصريح المشتقة من لفظه، وهومن الألفاظ الموضوعة للطلاق، التي لا تحتمل غيره، فيقع دون البحث عن النيّة، فمن قال لزوجته: أنت (مُطَلّقة) فيقع طلقة واحدة رجعية، وله مراجعتها مادامت في العدة إذا كان لم يطلقها قبل ذلك طلقتين، وهذا لا يمنع المفتي من الاستفادة من القول الثاني في حالات خاصة. والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- الطلاق
- عدد القراء
- 167