نحن مجموعة من الطالبات اختلفنا حول صفة الحجاب، فما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الشرعي حتى يكون مرضيا لله تعالى ؟ جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- صفات الحجاب الشرعي
- السؤال
- نحن مجموعة من الطالبات اختلفنا حول صفة الحجاب، فما هي الصفات الواجب توفرها في الحجاب الشرعي حتى يكون مرضيا لله تعالى ؟ جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد أمر الله تعالى المرأة بالحجاب سترا لها وسدا لذرائع الفساد ودواعي الزنا، فقال تعالى: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) [سورة النور الآية 31]، قال الحافظ ابن كثير: والخُمُر جمع خِمار، وهو ما يُخَمر به، أي: يغطى به الرأس، وهي التي تسميها الناس المقانع، قال سعيد بن جبير: (وَلْيَضْرِبْن) وليشددن (خُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ) يعني: على النحر والصدر، فلا يرى منه شيء، وقال تعالى (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [سورة الأحزاب الآية 59]، يقول الله تعالى آمرا رسوله –صلى الله عليه وسلم-، أن يأمر النساء المؤمنات -خاصة أزواجه وبناته لشرفهن -بأن يدنين عليهن من جلابيبهن، ليتميزن عن سمات نساء الجاهلية وسمات الإماء. وقد ذكر أهل العلم على أن لحجاب المرأة المسلمة شروطا يجب توفرها فيه حتى يكون شرعيا ومرضيا لله تعالى، نوجزها لك أيتها الأخت المسلمة وكالاتي:
1- ان يكون سابغا ساترا جميع جسم المرأة، ولا يظهر منه شيئا الا ما ظهر من الوجه والكفين لأنهما غير عورة على خلاف بين العلماء لقوله تعالى: (ولا يبدين زينتهن الا ما ظهر منها)، قال ابن كثير في تفسير هذه الآية: قال الأعمش، عن سعيد بن جُبَير، عن ابن عباس: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا) قال: وجهها وكفيها والخاتم. وقد ذهب أكثر أهل العلم على أن الوجه والكفين ليسا بعورة يجب سترهما، وهو مذهب الائمة أبي حنيفة ومالك والشافعي ورواية عن احمد، وحكاه الامام الطحاوي في شرح معاني الآثار عن صاحبي أبي حنيفة محمد وأبي يوسف.
قال الشيخ الالباني –رحمه الله – في كتاب جلباب المرأة المسلمة: (لكن ينبغي تقييد هذا بما لم يكن على الوجه والكفين شيء من الزينة لعموم قوله تعالى (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)، وإلا وجب ستر ذلك ولاسيما في عصرنا الحاضر الذي تفنن فيه النساء بتزيين وجوههن وأيديهن بأنواع الزينة والأصباغ، وليس من ذلك الكحل والخضاب لاستثنائهما من الآية، كما نقل عن أكثر أهل العلم والله اعلم).
واستدل القائلون بهذا المذهب بأحاديث صحيحة ذكرها الشيخ الألباني في كتابه جلباب المرأة المسلمة، لا مجال لذكرها في هذه الفتوى، وهذا لا يمنعنا ان نلفت نظر النساء المؤمنات إلى أن كشف الوجه وإن كان جائزا فستره أفضل عند خوف الفتنة وقلة الورع والوازع الديني في المجتمع، علما أن هناك من العلماء من عدّ الوجه والكفين عورة يجب سترها.
2- ان يكون صفيقا لا يشف ما تحته برقته وشفافيته، لقول أم المؤمنين عائشة-رضي الله عنها-:(إنما الخمار ما وارى البشرة والشعر)[رواه البيهقي وصححه الشيخ الالباني]. فالثوب يجب أن يكون ثخينا غير شفاف يظهر لون البشرة وما نشاهده اليوم من بعض النساء فهن كما وصفهن النبي(صلى الله عليه وسلم): (كاسيات عاريات)، لأنهن لا يسترن المطلوب ستره باللباس إما لرقته أو لشفافيته وإما لعدم اكسائه المواضع المطلوب سترها.
3- ان يكون فضفاضا غير ضيق يصف ما تحته ويجسده بل يجب أن يكون واسعا، فقد روى الامام احمد في المسند عن ابن أسامة بن زيد أن أباه أسامة قال: كساني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قبطية كثيفة كانت مما أهداها دحية الكلبي فكسوتها امرأتي فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مالك لم تلبس القبطية ،قلت: يا رسول الله كسوتها امرأتي فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم): ((مرها فلتجعل تحتها غلالة أني أخاف ان تصف حجم عظامها)).
4- أن لا يشابه زي ولباس الرجال، فقد روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال).
5- أن لا يشابه زي الكافرات، لان النبيّ(صلى الله عليه وسلم) أمرنا بمخالفة الكفار والمشركين، ولأن من اقتضاء الصراط المستقيم مخالفة أهل الجحيم.
6- أن لا يكون زينة في نفسه يلفت أنظار الرجال بألوانه الصارخة، لعموم قوله تعالى: (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنّ)، وقوله تعالى: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) [الأحزاب من الآية34 ]، ولأن الغاية من الحجاب أن يكون ساترا لزينتها وفتنتها، ولأن إخفاء الزينة عن الأجانب مقصد الشريعة الإسلامية في وجوب الحجاب لدرء الفتنة، ونحن أحوج ما نكون لهذا المقصد في هذه الأيام،والتبرج هو أن تبدي المرأة من زينتها ومحاسنها وما يجب عليها ستره مما تستدعي به شهوة الرجل، والمقصود من الأمر بالجلباب إنما هو ستر زينة المرأة فلا يعقل حينئذ أن يكون الجلباب نفسه زينة.
7- أن لا يكون مبخرا ومطيبا، والأحاديث التي تنهي النساء عن التطيب إذا خرجن من بيوتهن كثيرة منها حديث أبي موسى الأشعري (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم): ((أيما امرأة استعطرت فمرت على قوم ليجدوا من ريحها فهي زانية)) [سنن النسائي، مسند الإمام احمد، صحيح ابن خزيمة وحسنه الشيخ الألباني].، وعن زينب الثقفية أن النبي(صلى الله عليه وسلم) قال: ((إذا خرجت إحداكن إلى المسجد فلا تقربن طيبا)) [سنن النسائي الكبرى، المعجم الأوسط للطبراني، وصححه الألباني].
8- أن لا يكون لباس شهرة، ملفتا للأنظار والعيون والنفوس، لتشتهر به بين الناس وتتباهى به وتتفاخر سمعة ورياءً، فعن ابن عمر(رضي الله عنهما) قال رسول الله(صلى الله عليه وسلم):((من لبس ثوب شهرة في الدنيا، ألبسه الله ثوب مذلة يوم القيامة، ثم ألهب فيه نارا)) [سنن ابي داود، سنن النسائي الكبرى ،سنن ابن ماجة، مسند احمد].ومن لباس الشهرة ما تفعله بعض النساء من تكبير مؤخرة رؤوسهن حتى تكون كأسنمة البخت المائلة – البعير-، وعلامة لهن من علاماتهن تنصيب الرؤوس فيجمعن عليها أشياء تضخمها وتكبرها مثل كماشات الشعر الكبيرة، ففي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((صنفان من أهل النار لم أرهما، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس، ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة، ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)).
قال الامام النووي –رحمه الله تعالى- في شرحه لمسلم: (وأما رؤوسهن كأسنمة البخت، فمعناه يعظمن رؤوسهن بالخمر والعمائم وغيرها مما يلف على الرأس حتى تشبه أسنمة الإبل البخت، هذا هو المشهور في تفسيره، قال المازري: ويجوز أن يكون معناه يطمحن إلى الرجال ولا يغضضن عنهم ولا ينكسن رؤوسهن. واختار القاضي أن المائلات تمشطن المشطة الميلاء. قال: وهي ضفر الغدائر وشدها إلى فوق وجمعها في وسط الرأس فتصير كأسنمة البخت ).
فهذه أهم الشروط والصفات الواجب توفرها في الحجاب الشرعي للمرأة المسلمة حتى يكون مرضيا لله تعالى،وليس للمرأة المسلمة لون خاص لثياب خروجها يتحتم عليها اختياره، فلها أن تلبس ما شاءت، ولكن بالشروط التي ذكرت في الفتوى. ولكن للأسف الشديد لو طبّقنا هذه الشروط على حجاب بعض المسلمات ألان فإننا سنجد أغطيةً للرأس أشكالا وألوانا، هذا أصفر فاقع وذلك أحمر صارخ وقد ضحك شياطين الإنس والجن عليهن حتى أقنعوهن بهذه الأغطية فأصبحن عارضات للأزياء أقرب منهن للمحجبات، وإذا انتقلنا إلى الثوب الذي تلبسه بعض المحجبات لوجدناه ملونا مزركشا زاهيا مجسدا لجسمها ولمفاتنها، فكيف يصير الحجاب حجابا وهو لم يحجب معالم الجسم عن الأجانب؟، نسأل الله تعالى العفو والعافية.
- الموضوع الفقهي
- اللباس الشرعي للمرأة
- عدد القراء
- 184