- الباب الفقهي
- اللباس والزينة
- المفتي
- الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار
- عنوان الفتوى
- الأخذ من شعر الحاجبين
- السؤال
- أنا امرأة متزوجة هل يجوز لي أنْ أخففَ من شعر حاجبي لأنَّ زوجي يريد ذلك؟
- الجواب
-
أنتِ تسألين عن النمص وهو: نَتْفُ الشَّعْرِ؛ أوَ نَتْفُ الشَّعْرِ مِنْ الْوَجْهِ. وقد ورد فيه حديث في البخاري (لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله) وكثرَ الكلامُ فيه قديمًا وحديثًا؛ والأمرُ يحتاجُ وقفةً وتأملاً لِأَنَّ الزِّينَةَ لِلنِّسَاءِ مَطْلُوبَةٌ؛ وهي من احتياجاتها الفطرية، ولِأَنَّ للزوج غَرَضًا فِي تَزْيِينِهَا لَهُ.
واختلف الفقهاء في فهم الحديث على ثلاثة مذاهب:
الأول: يرى أَنَّه يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ التَّنْمِيصُ إلَّا بِإِذْنِ الزَوْجٍ لِأَنَّه المعني فِي تَزْيِينِهَا لَهُ. وإليه ذهب الحنفية(1) والشافعية(2) ووجه عند الحنابلة(3) وعلى هذا لا يجوز النمص لغير المتزوجة.
وحملوا اللعن الوارد في الحديث المتقدم عَلَى مَا إذَا فَعَلَتْهُ المرأة لِتَتَزَيَّنَ لِلْأَجَانِبِ وَإِلَّا فَلَوْ كَانَ فِي وَجْهِهَا شَعْرٌ يَنْفِرُ زَوْجُهَا عَنْهَا بِسَبَبِهِ، فَفِي تَحْرِيمِ إزَالَتِهِ بُعْدٌ.
الثاني: قال المالكية(4) وَهو قول عند الحنابلة(5) لَا يَحْرُمُ النمص مطلقا، فنَتْفُ شَعْرِ الْحَاجِبِ حَتَّى يَصِيرَ دَقِيقًا مبَاحٌ والنَّهْي محمولٌ عَلَى التَّدْلِيسِ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ شِعَارَ الْفَاجِرَاتِ. فإذَا أَخَذَتْ الْمَرْأَةُ مِنْ وَجْهِهَا لِأَجْلِ زَوْجِهَا بَعْدَ رُؤْيَتِهِ إيَّاهَا فَلَا بَأْسَ، وَإِنَّمَا يُذَمُّ إذَا فَعَلَتْهُ قَبْلَ أَنْ يَرَاهَا; لِأَنَّ فِيهِ تَدْلِيسًا.
واستدلوا بما ورد عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها حينَ سُئلَتْ عَنْ الْحِفَافِ فَقَالَتْ: إنْ كَانَ لَك زَوْجٌ فَاسْتَطَعْت أَنْ تَنْتَزِعِي مُقْلَتَيْك فَتَصْنَعِيهِمَا أَحْسَنَ مِمَّا هُمَا فَافْعَلِي(6).
الثالث: الصَّحِيحِ مِنْ مَذْهَبِ الحنابلة(7) والظاهرية(8) أنه حرام، وكُلُّ مَنْ فَعَلَتْ ذَلِكَ فِي نَفْسِهَا، أَوْ فِي غَيْرِهَا من المَلْعُونَات عندهم، واستدلوا بظاهر الحديث المتقدم.
ونوقش هذا الاستدلال بحمل الحديث عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَنْهِيَّةِ عَنْ اسْتِعْمَالِ مَا هُوَ زِينَةٌ لَهَا كَالْمُتَوَفَّى عَنْهَا زوجها، ولَيْسَ كُلُّ تَغْيِيرٍ مَنْهِيًّا عَنْهُ، لأَنَّ خِصَالَ الْفِطْرَةِ كَالْخِتَانِ وَقَصِّ الْأَظْفَارِ وَالشَّعْرِ وَغَيْرِ ذَلِكَ جَائِزَةٌ وهي تغيير.
وبعد هذا العرضِ لمذاهبِ العلماءِ وأدلتهم تبدو قوة ما ذهب إليه أصحاب المذهب الأول القائل بأَنَّه يَحْرُمُ عَلَى الْمَرْأَةِ التَّنْمِيصُ إلَّا بِإِذْنِ الزَوْج، وأن اللعن محْمُولٌ عَلَى مَا إذَا فَعَلَتْهُ المرأة من النمص لِتَتَزَيَّنَ لِلْأَجَانِبِ، والله أعلم.
(1) انظر: ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار 6/373.
(2) انظر: حاشيتي قليوبى وعميرة 1/208.
(3) انظر: المرداوي، الإنصاف 1/125.
(4) الفواكه الدوانى 2/314.
(5) الإنصاف 1/125.
(6)ابن سعد، الطبقات 8/70.
(7) انظر: كشاف القناع 1/81.
(8) انظر: ابن حزم، المحلى 2/398
- الموضوع الفقهي
- زينة المرأة
- عدد القراء
- 165