زوجي كان يسكر ويفقد فيضربني، وقد طلقني عدة مرات في حال سكره، والآن ندم وتاب الى الله تعالى وواظب على الصلاة، فما حكم الشرع في طلاقه لي عند سكره ؟
- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- طلاق السكران
- السؤال
- زوجي كان يسكر ويفقد فيضربني، وقد طلقني عدة مرات في حال سكره، والآن ندم وتاب الى الله تعالى وواظب على الصلاة، فما حكم الشرع في طلاقه لي عند سكره ؟
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فإن شرب الخمر من الكبائر، وهو محرم بالكتاب والسنة وإجماع الامة، فينبغي على شارب الخمر المبادرة إلى التوبة والاقلاع عنها، فإن الله تعالى يقبل توبة التائب ما لم يغرغر وتبلغ روحه الحلقوم،وما لم تشرق الشمس من مغربها، وحسنا فعل زوجك بالتوبة والندم والاقلاع عن الخمر والرجوع إلى ربه عز وجل، نسأل الله تعالى أن يقبله ويثبته ومن تاب إليه على الطاعات وترك المعاصي.
واما طلاق السكران؛ فقد أجمع العلماء على عدم وقوع الطلاق إذا زال عقله بعذر، كمن شرب مسكراً غير عالم بتحريمه أو هو عالم بتحريمه لكنه مكره، وكذلك من زال عقله بجنون أو إغماء أو ببنج بقصد التداوي أو نحو ذلك، قال الإمام أبو بكر علاء الدين السمرقندي الحنفي –رحمه الله- في تحفة الفقهاء [2/195]: (وأجمعوا أنه إذا شرب البنج أو الدواء فسكر وزال عقله فطلق لا يقع).
وقد اختلفوا في وقوع طلاق السكران إذا كان سكره بتناول ما يحرم عليه من الخمر بأنواعها على قولين :
القول الاول: أن طلاقه يقع، وإلى هذا ذهب الامام أبو حنيفة والامام مالك، وأحد القولين للأمام الشافعي والامام أحمد، وبه قال ابن مسعود – رضي الله عنه- وعمر بن عبد العزيز والنخعي وسعيد بن المسيب ومجاهد وعطاء والحسن ومحمد بن سيرين والأوزاعي.
القول الثاني: لا يقع طلاقه إذا بلغ حدا لا يعي به ما يقول، وهو قول أمير المؤمنين عثمان بن عفان وابن عباس - رضي الله عنهم- ،قال الإمام البخاري -رحمه الله– في الصحيح: ( وَقَالَ عُثْمَانُ: لَيْسَ لِمَجْنُونٍ وَلَا لِسَكْرَانَ طَلَاقٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَلَاقُ السَّكْرَانِ وَالْمُسْتَكْرَهِ لَيْسَ بِجَائِز)،قال ابن المنذر - رحمه الله-: (هذا ثابت عن عثمان، ولا نعلم أحدا من الصحابة خلافه )، وهو القول الثاني للأمام الشافعي والامام أحمد واستقر عليه، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه الامام ابن القيم، وبه قال عطاء وطاوس وعكرمة والقاسم بن محمد وعمر بن عبد العزيز وربيعة والليث بن سعد وإسحق بن راهويه والمزني وإمام الحرمين من الشافعية، واختاره الطحاوي وأبو الحسن الكرخي من الحنفية، وهو مذهب الظاهرية.
والمفتى به: هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من عدم وقوع طلاق السكران الذي ذهب عقله لقوة أدلتهم، وذلك لأن الشرع إنما يعتبر الأقوال حيث كان المتلفظ بها في حالة عقل وقصد، وأما حيث لا يعقل ما يقول ولا يقصده فإن الشارع لا يرتب على قوله شيئاً ولا يعتبر قوله، فهو مفقود الإرادة أشبه المكره، وزائل العقل أشبه المجنون والنائم،ولأن العقل شرط التكليف ولا يتوجه التكليف إلى من لا يفهمه وهو ليس في وعيه، وأما أفعاله فإنه يؤخذ بها، ولا يكون سكره عذراً له، لا في الزنا ولا في السرقة ولا في القتل ولا غيرها ؛ لأن الفعل يؤخذ به الإنسان عاقلاً أو غير عاقل؛ ولأن السكر قد يتخذ وسيلة إلى ما حرم الله من الأفعال المنكرة .والله تعالى أعلم
- الموضوع الفقهي
- الطلاق
- عدد القراء
- 193