الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه وبعد:

فاذا تم العقد فقط دون الدخول: فيفرق بينهما، وتكمل عدة الأول، ثم للثاني أن يتزوج بها بعد ذلك،وإن دخل بها فالزواج يعد باطلاً بإجماع الفقهاء، فيجب فسخه والتفريق بينهما لقول الله تعالى: ﴿وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾[البقرة:235] يعني :حتى تنتهي من العدة.

فالله تعالى أوجب على المرأة العدة لحق لزوجها، وتحقيقا لبراءة رحمها، لئلا تختلط الأنساب، وفيها معنى تعبدي يجب الوقوف عنده، وهو الانصياع والخضوع لأمر الله عز وجل في تشريعه.

فإن حصل ذلك فيجب التفريق بينهما فوراً، والاستمرار على المعاشرة استناداً لهذا العقد يعتبر استمراراً في الزنى، فيجب به الحد إذا علم الزوجان الحكم، وإن كان ذلك عن جهل منهما بحرمته، فإنه نكاح شبهة لا إثم عليهما فيه يكتفي بالتفريق بينهما،وتكمل عدة الأول، ثم تعتد من الثاني ،على قول عند الحنابلة ولا يتزوجها الثاني إلا بعد انقضاء العدتين، ومذهب المالكية تحرم عليه تحريما مؤبدا، فلا يجوز أن ينكحها بعد ذلك.

وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الثاني له أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها من الزوج الأول، قال الإمام ابن قدامة في المغني: (وإذا تزوج معتدة، وهما عالمان بالعدة، وتحريم النكاح فيها، ووطئها فهما زانيان عليهما حد الزنا، ولا مهر لهما، ولا يلحقه النسب، وإن كانا جاهلين بالعدة، أو بالتحريم ثبت النسب وانتفى الحد، ووجب المهر، وإن علم هو دونها، فعليه الحد والمهر، ولا نسب له، وإن علمت هي دونه فعليها الحد، ولا مهر لها، والنسب لاحق به، وإنما كان كذلك، لأن هذا نكاح متفق على بطلانه، فأشبه نكاح ذوات محارمه).

والمفتى به: هو ما ذهب اليه جمهور الفقهاءإلى أن الثاني له أن يتزوجها بعد انقضاء عدتها من الزوج الأول،وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية لأن الماء ماؤه فلا بأس ،وأما إذا أراد الزوج الأول أن يراجعها فلا يجوز له إلا بعد انقضاء عدتها من الثاني. والله تعالى أعلم.