بعض الناس يذهبون لرجل معروف عنده مال ولا يوجد عنده بضاعة،فإذا أراد أحدهم أن يشتري شيئا ما ذهب إليه، فيشتري له ما يريد ويأتي بالبضاعة لبيته ثم يبيعها له بالتقسيط. وكذلك شراء السيارة من الشركة بالتقسيط، فما حكم هذا البيع والشراء؟
- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حُكم بيع المرابحة وشراء السيارة من الشركة بالتقسيط
- السؤال
- بعض الناس يذهبون لرجل معروف عنده مال ولا يوجد عنده بضاعة،فإذا أراد أحدهم أن يشتري شيئا ما ذهب إليه، فيشتري له ما يريد ويأتي بالبضاعة لبيته ثم يبيعها له بالتقسيط. وكذلك شراء السيارة من الشركة بالتقسيط، فما حكم هذا البيع والشراء؟
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فهذا البيع من صور البيوع الجائزة بالضوابط التي ذكرها العلماء ويُسَمِّى بـ (المرابحة، أو البيع الآمر بالشراء)، وهو طلب شراء لسلعةٍ معينةٍ بأوصافٍ محددةٍ يقدمه المشتري للمصرف الإسلامي أو الشركة أو الشخص صاحب رأس المال، وذلك مقابل التزام الطالب بشراء ما طلبه حسب السعر والربح المتفق عليهما- على خلاف-، ويكون أداء الثمن مقسطاً، وقد ذهب جمهور العلماء من الحنفية،والمالكية، والشافعية، والحنابلة وغيرهم على جواز بيع السلعة بأكثر من سعر يومها لأجل التأجيل في الثمن، وهو ما يسمى بيع التقسيط : وهو الثمن المؤجَّل، المشترط أداؤه على أجزاء معلومة، في أوقات محددة، بزيادة على الثمن الأصلي.
وقد دلت عموم النصوص من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم على حل جميع أنواع البيع بما فيها المرابحة إلا ما استثناه الدليل الخاص، يقول الله تعالى ﴿ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ﴾ (البقرة 275).
قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في الام : (وإذا أرى الرجلُ الرجلَ السلعة، فقال: اشتر هذه وأربحك فيها كذا، فاشتراها الرجل: فالشراء جائز، والذي قال: أربحك فيها: بالخيار، إن شاء أحدث فيها بيعا، وإن شاء تركه، وهكذا إن قال: اشتر لي متاعا - ووصفه له - أو: متاعا أيَّ متاع شئت وأنا أربحك فيه: فكل هذا سواء، يجوز البيع الأول، ويكون هذا فيما أعطى من نفسه بالخيار،وسواء في هذا ما وصفت إن كان قال: أبتاعه وأشتريه منك بنقد أو دين: يجوز البيع الأول، ويكونان بالخيار في البيع الآخر، فإن جدداه جاز).
وشروط هذا البيع حتى يكون صحيحاً شرعاً هو: تمّلك السلعة التي يجوز التعامل بها شرعاً،وحيازتها،وتحمّل مسؤولية الهلاك قبل التسليم للمشتري،وتبعة الرد بالعيب بعد التسليم.
وأما بخصوص شراء السيارة بالأقساط ، فيجب أن يقوم البنك أو المصرف بشراء السيارة ويتملكها، ثم يبيع البنك السيارة للعميل بالأقساط وتصبح في ملكيته، لقول النبيّ صلى الله عليه وسلم «لا تبع ما ليس عندك»، رواه الترمذي والنسائي وأبوداود وابن ماجه وأحمد، وصححه الشيخ الألباني في إرواء الغليل.
وأما اذا سدد البنك قيمة السيارة نيابة عن العميل للشركة، ثم يقوم العميل بتسديد المبلغ إلى البنك بالتقسيط فهذا قرض ربوي جر منفعة، وهي معاملة محرمة لعموم الأدلة الدالة على تحريم الربا، ولعن فاعله.
ولا بأس أن يطلب البنك من العميل ضمانات مشروعة في عقد بيع المرابحة للآمر بالشراء، ومن ذلك حصوله على كفالة طرف ثالث، أو رهن أي مال منقول أو عقار، أو عدم تسجيلها رسميا باسم العميل إلى أن يسدد كل المبلغ .
وأما إلزام المشتري بأخذ البضاعة إذا عدل عنها قبل استلامها ودفع ثمنها ففيه خلاف.
فقد ذهب بعض أهل العلم إلى وجوب الإلزام ديانةً وقضاءً؛ لوجوب الوفاء بالعقود وحرمة الكذب والإخلال بالوعد.
وذهب جمهور العلماء على عدم الزامه بذلك، وأنه يجب الوفاءُ بالوعد بالشراء ديانةً لا قضاءً وهو المفتى به، وقالوا : إذا ألزمْنا الآمر بالشراء فإنْ كان البيع قد انعقَد قبل تملُّك البضاعة، فقد باع ما لا يملِك، وإنْ أكرهنا المشتري على الشراء بعد تملُّكِ البضاعة بطل البيع؛ لأنَّ البيع لا يكون إلا عن رضا وطيب نفْس من العاقدين.
والخلاصة: أن عقد المرابحة للآمر بالشراء من العقود المباحة شرعا، بشرط الالتزام بالضوابط والشروط المذكورة التي وضعها العلماء .
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- البيوع
- عدد القراء
- 176