بعض الدوائر تصرف مبالغ كساعات إضافية للعمل بعد الدوام الرسمي او خارج الدوام، هل هذا المبلغ حلال أخذه واستلامه من قبل الموظفين دون العمل بعد أوقات الدوام الرسمي؟ مع تقديرنا لفضيلتكم.
- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الساعات الإضافية
- السؤال
- بعض الدوائر تصرف مبالغ كساعات إضافية للعمل بعد الدوام الرسمي او خارج الدوام، هل هذا المبلغ حلال أخذه واستلامه من قبل الموظفين دون العمل بعد أوقات الدوام الرسمي؟ مع تقديرنا لفضيلتكم.
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد أمر الله تعالى عباده المؤمنين بحفظ الأمانة، ونبذ الخيانة، ومن حفظ الأمانة هو قيام الموظف بمهام عمله بصدق وإخلاص،وعدم تعمد تعطيل المعاملات وسرعة انجازها خلال الدوام الرسمي، حتى لا تضطر دائرة التشغيل أن تمدد العمل لساعات اضافية، وإن من الخيانة تعمد ذلك وإهمال الواجب وأكل الأموال بالباطل، فقد قال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ (الأنفال 27)، وقوله عليه الصلاة والسلام في الصحيحين من حديث عبدالله بن عمر رضي الله عنهما: «كُلُّكُمْ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ»، وهذه المسؤولية تشمل الموظف والمدير والوزير والرئيس، فكل منهما راع فيما هو مكلف به من أموال الدائرة، وهو مسؤول عن ذلك يوم القيامة .
والساعات الإضافية حسب مقتضى النظام الوظيفي الذي ينص على أنه: إذا استدعت ظروف العمل تشغيل العامل أكثر من ساعات العمل العادية، اعتبرت مدة الزيادة وقتاً إضافياً يتقاضى عنه العامل أجراً مادياً للأجر المقابل لساعات العمل العادية.
فالموظف إذا أخذ على الساعات الإضافية أجرا وهو لم يقم بها، فإن هذا الأجر يكون حراماً وهو من باب أكل المال بالباطل؛ لأن الدائرة قد خولت المدير المباشر صلاحية اعطاء أجور الساعات الإضافية، فإذا لم يكن هناك حاجة إلى عمل إضافي، أو لم يكن هناك عمل إضافي من الأصل: فإن إعطاء المدير المباشر الموظفين الأجر بدون استحقاق، فيه خيانة للأمانة وغش وتدليس، فلا يجوز تقاضي هذه الأجور؛ لأنها أجور على أعمال لم تتم .
وقد سُئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله تعالى عن ذلك في مجموع فتاويه فأجاب: (هذا السؤال يقع كثيراً , وأنا أسألكم الآن : هل هذا حق أو باطل ؟ بمعنى : هل هذه المكافأة التي حصلت للإنسان على عمل معين ؛ هل قام بهذا العمل أم لا ؟ لم يقم بالعمل، إذا لم يقم بالعمل صار أخذ المال بغير حق، وأخذ المال بغير حق هو أكل المال بالباطل تماماً، مع ما في ذلك من خيانة للأمانة، حتى ولو وافق الرئيس المباشر على مثل هذا العمل فهو خائن، والمال ليس ماله - أعني الرئيس المباشر - حتى يتصرف به كيف يشاء، وإنني بهذه المناسبة أحذر الرؤساء والمدراء الذين يعملون مثل هذا العمل، وأقول: اتقوا الله فيما وليتم عليه، واتقوا الله أيضاً فيمن تحت أيديكم من الموظفين، لا تطعموهم ما لا يحل لهم، ولا تخونوا الدولة بأن تعطوا من لا يستحق).
وأما اذا ارادت الدولة أو الوزارة او ربّ العمل أن يرفع أجور الموظفين ويحسّن مستواهم المعاشي وأصدرت تعليمات تنص على صرف ساعات إضافية لهم وإن لم يقوموا بالعمل الإضافي، فلا حرج عندئذٍ من أخذها والانتفاع بها، وإلا فلا يجوز أخذها خلاف ذلك.
فالواجب على المسلم أن يتقي الله تعالى، وأن يحرص على أن يكون مطعمه ومشربه حلالاً، وأن لا يطعم أهله وعياله سحتاً حراماً، فالمال الحرام لا يبارك الله تعالى فيه ولا يهنأ صاحبه به، فقد روى الحاكم في المستدرك وصححه الشيخ الألباني، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «وَمَنْ نَبَتَ لَحْمُهُ عَلَى السُّحْتِ، فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ». نسأل الله تعالى العفو والعافية.
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- حُكم أجور الساعات الإضافية
- عدد القراء
- 169