زوج ملتزم دينيًا لكنه يشتم امرأته إن أخطأت ويشتم أهلها؛ فهل يجوز ذلك؟
- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- شتم الزوجة
- السؤال
- زوج ملتزم دينيًا لكنه يشتم امرأته إن أخطأت ويشتم أهلها؛ فهل يجوز ذلك؟
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إذا كان هذا الزوج ملتزمًا دينيًا فيذكِّر بأنَّ التدينَ الحق لا يعني أداءَ الصلواتِ الخمس وصوم رمضان ثم التعدي والتجاوز على الناس؛ بل طلب منَّا الدينُ أن نخشع في ميدان الحياة كما نخشع ونطيع في محراب الصلاة، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن (فَاحِشًا ولا مُتَفَحِّشًا وَإِنَّهُ كان يقول إِنَّ خِيَارَكُمْ أَحَاسِنُكُمْ أَخْلَاقًا) (متفق عليه) فلم يكن له الفحش والشتم خلقا طبعيًا ولا مكتسبا.
وهو لم يشتم خادمَه وحق الخادمِ دون حق الزوجة؛ فيروي أَنَس بن مَالِكٍ رضي الله عنه (خَدَمْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَشْرَ سِنِينَ؛ والله ما قال لي أُفٍّ قَطُّ ولا قال لي لِشَيْءٍ لِمَ فَعَلْتَ كَذَا وَهَلَّا فَعَلْتَ كَذَا) (متفق عليه)، فإذا كان مع الخادم هكذا فكيف مع الأهل والزوجة؟ ولذا جاء في بيان العلاقة بالأهل (خَيْرُكُم خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وأنا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي)(رواه الترمذي 3895) وفي رواية تبين المقصود بقولة "أهله" قال (خِيَارُكُم خِيَارُكُمْ لِنِسَائِهِمْ)(رواه ابن ماجه 1978)، فعلامة خيرية الرجل أن يفيض خيره على أهله أولاً.
وقد أوجب الله عز وجل للزوجة على زوجها حق المعاشرة بالمعروف في حال الحب والكراهية؛ فقال (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً) (النساء 19) وحسن المعاشرة تتحقق بتطييب الأقوال وتحسين الأفعال لهن، وبترك الإيذاء بالكلام الغليظ وإن كان لا يحبها؛ لأن البيوت لا تبنى بالحب وحده..
والمعاشرة بالمعروف واجبة على الزوج وليست إحسانًا منه؛ لأنَّ الآية جاءت بصيغة الأمر؛ والملتزم دينيًا يجب عليه الالتزامُ بهذا الأمر، فليس من المعروف الذي أمر الله به شتم المرأة ولا أبويها وأهلها.
وقبل مغادرة السؤال أقول للأخت السائلة: كل ما مر ذكره في خطاب الزوج هي مأمورة به أيضًا، وإذا كانت تحزن لشتمها فعليها أن تحزن لأخطائها في مخالفة أمره التي تؤدي إلى إغضابه وعصبيته؛ فقد عظَّم الدينُ حقَّ الرجلِ على امرأتِه فقال تعالى (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (البقرة 228) فهذه الدرجة التي للرجل على المرأة بتشريع الله عز وجل والتي هي درجة القوامة تُشعِرُ بعظيم حقَّ الزوج على امرأته، وتقتضي طاعتها له وعدمَ إغضابه.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- شتم الزوجة
- عدد القراء
- 170