تحريم وطء الدبر أجمع عليه الأئمة الأربعة؛ ولم يصحَّ عن أحد جوازه؛ وما روي عن بعضهم مما ظاهره الجواز فمراده إتيانها من الدبر في الفرج. وإتيان الدبر كبيرة عظيمة سواء كانت في وقت الحيض أم في غيره. وتحريمه ثابت بالقرآن والسنة.

أما القرآن؛ فقوله عز وجل (فَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه) (1)، أي في الفرج الذي هو موضع الحرث؛ ولا تعدوه إلى غيره، فمن فعل شيئا من ذلك ؛ فقد اعتدى ومثل هذا يجب أن يعاقب عقوبة رادعة، فإن استمر على فعل هذه الجريمة؛ وجبَ على زوجته طلبُ مفارقتِه والابتعادِ عنهُ.

ويؤيد الآية السابقة قوله عز وجل (نِسَاؤُكُمْ حَرْثٌ لَكُمْ فَأْتُوا حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُم) (2) فقوله (أَنَّى شِئْتُم) قد تعني متى شئتم في غير الحيض؛ وقد تعني كيف شئتم في موضع الحرث، فالدبر ليس موضعاً للحرث، وإذا كان الأمر يخصص الموضع (وهو موضع الحرث، أو موضع الولد، لا في موضع الأذى) فمجاوزته حرام بمفهوم الآية، وموضع الحرث هو المراد في قوله عز وجل في الآية المتقدمة (مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمُ اللَّه). وأما الأحاديث التي جاءت في تحريم إتيان الدبر فكثيرة، من ذلك:

1- قوله صلى الله عليه وسلم (مَنْ أَتَى امْرَأَتَهُ فِي دُبُرِهَا فَقَدْ بَرِئَ مِمَّا أُنْزِلَ عَلَى مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم )(3)

2- قوله صلى الله عليه وسلم (لَا يَنْظُرُ اللَّهُ إِلَى رَجُلٍ أَتَى امْرَأَةً فِي الدُّبُرِ)(4)

3- قوله صلى الله عليه وسلم (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنْ الْحَقِّ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ لَا تَأْتُوا النِّسَاءَ فِي أَدْبَارِهِنَّ)(5).

4- وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله (ملعون من أتى امرأة في دبرها)(6)

5- بل إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أتى حائضا أو امرأة في دبرها أو كاهنا فقد كفر بما أنزل على محمد)(7).

 والله أعلم.

(1)البقرة/222.

(2)البقرة223.

(3)رواه أبو داود (3904) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

(4)رواه الترمذي (1165) وصححه ابن دقيق العيد في “الإلمام” (2/660) ، والألباني في صحيح الترمذي.

(5) رواه ابن ماجه (1924) وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه.

(6)رواه أحمد 2/479 وهو في صحيح الجامع 5865.

(7)رواه الترمذي 1/243 وهو في صحيح الجامع 5918