هل الراتب التقاعدي يعد من الميراث يقسم بين الورثة حسب نظام المواريث الشرعي؟ أو هو هبة من الدولة يقسم حسب ما تقرره في القانون ؟ افتونا ماجورين
- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم الراتب التقاعدي
- السؤال
- هل الراتب التقاعدي يعد من الميراث يقسم بين الورثة حسب نظام المواريث الشرعي؟ أو هو هبة من الدولة يقسم حسب ما تقرره في القانون ؟ افتونا ماجورين
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه من والاه، أما بعـد:
فالراتب التقاعدي يُعرف؛ على أنه مبلغ شهري من المال تعطيه الدولة للموظف بعد بلوغه سنا معينا أو بعد خدمته مدة معينة يحددها القانون، مقابل استقطاع مبلغ رمزي من راتبه الشهري، ويكون المال المتبرع به من الدولة هو الغالب في الأمر، وينتقل بعد موته إلى المستحقين من عائلته حسب النظام الذي تحدده الدولة.
وهو غير مكافأة التقاعد أو نهاية الخدمة التي تصرف للموظف بعد التقاعد أوالتعويض عن الوفاة، فهذا حق له ينتقل إلى ورثته من بعده ويجري تقسيمها مجرى الميراث، فتقسَّم على جميع الورثة بحسب أنصبتهم الشرعية.
والخلاف عند الفقهاء المعاصرين في الراتب التقاعدي، هل هو من مستحقات الموظف فيكون حقا له ينتقل إلى ورثته من بعده، فيقسم بينهم كل حسب حصته من التركة؟ أو هو هبة وتبرع من الدولة للموظف، ويكون من نصيب الأشخاص الذين يحددهم النظام، ولا يلزم توزيعه على جميع الورثة؟.
وفيما يأتي أقوال الفقهاء المعاصرين في توجيه الراتب التقاعدي للموظف:
القول الاول: إنه عقد تبرع من الدولة للموظف، وهو إلزامي بين الطرفين، حيث يتم الخصم الصوري من الراتب؛ لأن الموظف قد يتقاعد أو يموت بعد عمله بمدةٍ يسيرة فيستحق هو أو ورثته تقاعداً قد يكون أكثر مما خصم منه، الواقع والغالب أن مقدار التقاعد المصروف يفوق نسبة الخصم الإجباري، والذي لا خيار له في زيادة أو نقص مقدار هذا الخصم، أي أن المال المتبرع به من الدولة هو الغالب في الأمر.
ويقسم الراتب حسب قانون التقاعد للدولة والذي ينص على أن المستحقين للراتب التقاعدي بعد وفاة الموظف هم : الزوجة أو الزوجات، البنون، البنات العازبات أو الأرامل أو المطلقات، الأم الأرملة أو المطلقة، او الجدة عند فقدان الأم، والأب او الجد عند فقدان الأب، وأبناء الابن وبناته العازبات عند فقدان أبيهم، والأخوة والأخوات.
وضمن ضوابط وشروط يجب أن تنطبق عليهم، منصوص عليها في قانون التقاعد المدني النافذ.
فالراتب التقاعدي هبة من الدولة، ويكون من نصيب الأشخاص الذين يحددهم النظام، ولا يلزم توزيعه على حسب نظام المواريث في الشريعة الإسلامية، وهذا ما ذهب إليه جمهور العلماء وأغلب المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء في الدول الإسلامية.
القول الثاني: إنه عقد تأمين تجاري؛ لأنه يستقطع من راتب الموظف، فهو حق له يستحقه الورثة بعد وفاته، وهذا ضعيف؛ لأن الاستقطاع صوري غير حقيقي، وقياس نظام التقاعد على عقود التأمين التجاري غير صحيح وهو قياس مع الفارق؛ لأن عقود التأمين من عقود المعاوضات، بخلاف عقد التقاعد فهو من عقود التبرع.
القول الثالث: إنه عقد تأمين اجتماعي تكافلي إلزامي، يستحقه الموظف بعد التقاعد وله حكم الميراث الشرعي. وهذا ضعيف أيضا؛ لأن عقد التكافل الإجتماعي لا يتحقق بالإجبار والإلزام وعدم الرضا فيه، فالغرض من عقد التكافل هو: المعاوضة والتبادل في الأموال.
والمفتى به : هو ما ذهب إليه أكثر أهل العلم من المعاصرين وأغلب المجامع الفقهية وهيئات الإفتاء في الدول الإسلامية، من أن الراتب التقاعدي للموظف المتوفى ليس من الميراث ولا يعامل معاملته في تقسيمه، وإنما يطبق عليه نظام التقاعد العام في الدولة الذي ينص على أن الراتب التقاعدي ليس إرثا أو تركة، فيوزع على المستحقين حسب نظام التقاعد المعمول به في الدولة.
وليس حسب نظام الميراث الشرعي. وعقد التقاعد بين الدولة والموظف يجمع بين التبرع والمعاوضة وبين التعاون والتكافل،؛ لأن الدولة ملزمة أيضا برعاية المواطنين، ومن ذلك هو وضع نظام تقاعدي للموظف يكفل له سبل العيش الكريم بعد تقاعده من الخدمة، وقد ألزمت الشريعة الإسلامية ولي الأمر المتمثل الآن بالدولة، على العناية بالرعية ماديا والتكفل لهم بالعيش الكريم، كما جاء في النصوص الصحيحة بذلك .
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- حكم الراتب التقاعدي
- عدد القراء
- 186