هل يجوز بيع السلعة قبل قبضها ؟ وبما يحصل القبض؟
- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- بيع السلعة قبل قبضها
- السؤال
- هل يجوز بيع السلعة قبل قبضها ؟ وبما يحصل القبض؟
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
فقد اتفق الفقهاءُ على أنه لا يجوز بيع السلعة قبل القبض إذا كانت طعاماً، وقد نقل الإمام ابن المنذر الإجماع على ذلك، والدليل قول النبي ﷺ في الصحيحين: ((من ابتاع طعاماً فلا يبعه حتى يستوفيه))،قال ابن عباس: وأحسب كل شي مثله ،وفي رواية لمسلم: ((حتى يقبضه)).
قال الإمام الشافعي: (وإذا نهى ﷺ عن بيع الطعام حتى يقبض؛ لأن ضمانه من البائع، ولم يتكامل للمشتري فيه تمام ملك فيجوز به البيع ) [ الحاوي الكبير5/220 ].
أما غير الطعام فقد اختلف الفقهاءُ في حكم بيعه قبل قبضه على أقوال:
القول الأول: لا يجوز بيع السلع قبل القبض مطلقاً، سواءٌ كانت طعاماً أو غيره.
القول الثاني: أن غير الطعام يجوز بيعه قبل قبضه مطلقاً.
القول الثالث: لا يجوز بيع المنقولات قبل قبضها، أما غير المنقولات كالعقارات فيجوز بيعها قبل القبض.
القول الرابع: لا يجوز بيع المكيلات والموزونات قبل قبضها، وما عداها يجوز بيعه قبل القبض.
والمُفتى به: هو ما ذهب إليه الإمام الشافعي وهو رأي حَبر الأمة عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما- من لزوم قبض المبيع مطلقا قبل بيعه؛ لنهى النبي ﷺ عن بيع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم.
فقد روى أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والحاكم عن زيد بن ثابت -رضي الله عنه- عن النبي ﷺ : ((أنه نهى أن تبتاع السلع حيث تبتاع، حتى يحوزها التجار إلى رحالهم)).
ولكن هذه الحيازة قد تكون حقيقية، وقد تكون حكمية وهي كافية لاعتبار القبض والتملك كالحيازة الحقيقية والقبض الحقيقي. ويقسم القبض باعتبار الحقيقة والحكم إلى قسمين:
- قبض حقيقي: وهو ما تقدم الكلام عليه في المنقولات عند غير الحنفية، وذلك بالتناول باليد، أو بنقله وتحويله، حسب العرف .
- قبض حكمي: وهو التخلي والتمكين وإطلاق اليد وارتفاع الموانع عرفًا وعادة وحقيقة، وهذا عند الحنفية خاصة.
قال الكاساني في بدائع الصنائع [5/244]:(فالتسليم والقبض عندنا: هو التخلية, والتخلي، وهو أن يخلّي البائع بين المبيع والمشتري، برفع الحائل بينهما، على وجه يتمكن المشتري من التصرف فيه فيجعل البائع مسلما للمبيع، والمشتري قابضا له، وكذا تسليم الثمن من المشتري إلى البائع).
وجاء في المادة (263) من مجلة الأحكام العدلية: (تسليم المبيع يحصل بالتخلية ).
ويمكن أن يلحق بهذا القسم (القبض الحكمي) في زماننا القبض في الوسائل الحديثة، كإدخال المال في حساب الشخص، فإنه يكون قبضًا حكميًّا، ونحو ذلك.
ومن أدلة ذلك الحديث الذي رواه البخاري عن ابن عمر- رضي الله عنهما- قال:(( كنا مع النبي ﷺ في سفر فكنت على بِكر-جمل- صعب لعمر، فكان يغلبني فيتقدم أمام القوم، فيزجره عمر ويرده، ثم يتقدم، فيزجره عمر ويرده، فقال النبيّ ﷺ لعمر: بعنيه، قال: هو لك يا رسول الله، قال رسول الله ﷺ: بعنيه، فباعه من رسول الله ﷺ، فقال النبيّ ﷺ: هو لك يا عبد الله بن عمر، تصنع به ما شئت)).
ففي الحديث أن الجمل دخل في ملكية النبي ﷺ بمجرد العقد ولم يقبضه الرسول ﷺ بيده، أو ينقله نقلا فعليا.
وجاء في كتاب المعايير الشرعية للمؤسسات المالية الإسلامية: (يعتبر قبضاً حكمياً تسلم المؤسسة، أو وكيلها لمستندات الشحن عند شراء البضائع من السوق الخارجية، وكذلك تسلمها لشهادات التخزين التي تعين البضاعة من المخازن التي تدار بطرق مناسبة موثوق بها.
الأصل أن تتسلم المؤسسة السلعة بنفسها من مخازن البائع، أو من المكان المحدد في شروط التسليم، وتنتقل مسؤولية ضمان المبيع إلى المؤسسة بتحقق حيازتها للسلعة، ويجوز للمؤسسة توكيل غيرها للقيام بذلك نيابة عنها).
والخلاصة: فبيع السلع ما لم يتم قبضها وكما بيناه لا يجوز، ولو لم تكن طعاما، فلا بد من مراعاة القبض حكما وتسليم الثمن لتحقق الملك.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- بيع السلعة قبل قبضها
- عدد القراء
- 163