- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ د. عبد الوهاب الطه
- عنوان الفتوى
- الفرق بين الرشوة والهدية*
- السؤال
- ما الفرق بين الرشوة والهدية مع أن كل واحد منهما يصدر عن رضا ولا يخلو عن غرض فلماذا حرمت الرشوة وأحلت الهدية؟
- الجواب
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إن الفرق بين الرشوة والهدية واضح وإن صدر كل منهما عن رضا وفُعِلا لغرض فالمرتشي يأخذ المال ظلماً من صاحبه بغية أن يجلب له أكثر منه ويحقق له نفعاً لا يستحقه فهو- المرتشي- ظالم يأكل السحت الحرام، وصاحبه- الراشي- كذلك ظالم بتعاونه مع المرتشي على عملين قبيحين:
1. السعي في إفساد ذمة المرتشي.
2. الحصول على منفعة وفائدة لا يستحقها وبالرشوة حصل عليها. فتعاون الراشي مع المرتشي حرام نهى الله تعالى عنه بقوله: ﴿ َتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (1﴾* وقد قال رسول الله ﷺ: «لعنة الله على الراشي والمرتشي»(2)
بينما المهدي يعطي صاحبه- المهدى إليه- وأخاه وجاره وصديقه ليقوي روابط يحب الله تعالى توثيقها وإصلاحها وفي كثير من المواضع يأمر بذلك فيقول سبحانه: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنفَالِ قُلِ الْأَنفَالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ﴾(3) والهدية من الأسباب التي تؤلف القلوب، وتذهب الأحقاد، وتزيد المحبة بين الأطراف، ولذلك جاء في الحديث قوله ﷺ: «تهادوا تحابوا» أخرجه البخاري في الأدب المفرد.
وتبادل التهادي يجعل للحياة طعماً لذيذاً، ويكسب الأطراف الأمن والثقة والسعادة، وهذه مطالب عالية ونواياها حسنة وقربة يثيب الله تعالى فاعلها، فكيف تقارن بالرشوة التي تقدم قُبْحُ مقاصدها وقبح تكييفها؟ بقي هناك مسألة هي:
أنه إذا كان حق شخصي موقوفاً الحصول عليه عند شخص آخر، لا مجال لاستحصاله إلا عن طريق هذا الثاني كأن يكون موظفاً لا تمشي معاملة حصوله على حقه إلا بعد توقيع الموظف، الذي لا يوقع إلا أن يأخذ مالاً، فالموظف هنا ملزم بتمشية المعاملة إذا استوفت الشروط، وأخذه المال من المراجع على قيامه بوظيفته رشوة محرمة. أما المراجع- الطرف الثاني- فهل إن دفع للموظف المال يعتبر راشياً؟ الجواب: إن كان بإمكانه مراجعة باب آخر ولا يدفع لصاحبه شيئاً فلا يجوز له التعاون بدفع المال إلى الموظف لأنه إفساد له وتمكين من مزاولة الرشوة ومن ثم تفشيها المؤذن بالتدهور، وإن لم يكن بإمكانه تخليص حقه إلا بدفع مبلغ ما فللعلماء قولان: * الأول: لا يجوز لأنه تحقيق للرشوة التي لا تتم إلا بفعل الطرفين.
* الثاني: لا يعتبر هذا من قبيل الرشوة لأن الرشوة ينال بها الراشي حق غيره وهذا يريد تخليص حقه فقط فلو دفع المال فحصل على أكثر مما يستحق فراشٍ ومرتشٍ كمن يفعل ذلك فيحصل على أكثر من الكمية المقررة من سمنت مثلاً أو زجاج أو طحين، وبالله تعالى التوفيق.
العدد 42- السنة الرابعة- جمادى الثانية 1413هـ - كانون الأول 1992م. السائل: خزرج فهمي حسين/ حديثة- محلة السراي.
(1)سورة المائدة: 2.
(2) رواه الخمسة إلا النسائي.
(3)سورة الأنفال: 1.
- الموضوع الفقهي
- حكم الرشوة
- عدد القراء
- 176