- الباب الفقهي
- فتاوى أخرى
- المفتي
- لجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي
- عنوان الفتوى
- الرسوم المتحركة
- السؤال
- ما الفرق بين تصوير الذي له حياة وتصوير الجماد ؟
- الجواب
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
إنَّ الشريعةَ جاءت بتحريمِ التصويرِ برسم أو نحت كل ما فيه روحٌ من خلقِ اللهِ تعالى، بل جاء التشديدُ والوعيدُ الشديد على من فعل ذلك، كقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ»(1).
وقد استثنت الشريعة من التحريم : الصور التي يلعب بها الأطفال، عن عائشةَ رضي الله عنها قالت : قَدِمَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم مِن غَزْوَةِ تَبُوكَ أو خيبر، وَفِي سَهْوَتِهَا سِتْرٌ، فَهَبَّت رِيحٌ، فَكَشَفَت نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَن بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ، لُعَب ؛ فَقَالَ : مَا هَذا يَا عَائِشَةُ ؟ قَالَت : بَنَاتِي . وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَه جَنَاحَانِ مِن رِقَاعٍ . فَقَال : مَا هَذَا الذِي أَرَى وَسطَهن ؟ قَالت : فَرَسٌ، قَالَ: وَمَا هَذا الذي عَليه ؟ قَالَت: جَنَاحَانِ، قَالَ: فَرَسٌ لَه جَناحانِ؟! قَالَت : أَمَا سَمِعتَ أَنَّ لِسُلَيمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟! قَالَت: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيتُ نَوَاجِذَه(2)؛ قالَ الحافظُ ابنُ حجر العسقلاني في فتح الباري: واستُدلَّ بهذا الحديثِ على جوازِ اتخاذِ صورِ البناتِ واللعب، من أجلِ لَعِبِ البناتِ بهن، وخُصَّ ذلك من عمومِ النهي عن اتخاذِ الصور، وبه جزمَ عياضٌ، ونقله عن الجمهورِ، وأنهم أجازوا بيعَ اللعبِ للبناتِ لتدريبهن من صغرِهن على أمرِ بيوتهِن وأولادهن(3).
والرسوم المتحركة مندرجة ضمن الفنون الجميلة، وهي تلك المجموعة من الفنون التي يمارسها الإنسان، وتجمع بين العفوية والابتكار، كالشعر والموسيقى والنحت والرسم والتصوير والتمثيل والإخراج، والتأليف.. الخ، وبعض هذه الفنون مباحة، وبعضها محرمة شرعاً كلياً، وبعضها محرمة في جوانب منها لغيرها.
وتعد أفلام الرسوم المتحركة، من الحوادث، وقد اختلف في حكمها الفقهاء المعاصرون، بين محرم لها، لما فيها من تصوير ما فيه روح، أو لما فيها من المنكرات التي نهت الشريعة عنها سواء بمحتواها كتعظيم لمعتقد شركي أو وثني، أو ما يصاحبها من موسيقى، ولأنها تَبثّ روحَ التربيةِ الغربية، وتروّجُ تقاليدَها الغربية ومفاهيمها المخالفة للمفاهيم الإسلامية، ومنهم من قال بجوازها استثناء من الأصل، قياسا على لعب الأطفال، ومنهم من فصل بناء على المنافع والمفاسد فيها، فإن كانت منافعها أكثر مع تجنب المحظورات كان الحكم اقربَ إلى الجواز، وإن غلبت مفاسدها منافعها كان الحكمُ أقربَ إلى التحريمِ.
ونرى أن التفصيل أقرب إلى رفع الحرج لاسيما أن هذه الأفلام أصبحت مما تعم به البلوى، ونتبنى الدعوات إلى ضرورة السعي الجاد لإيجاد شركاتِ إنتاج أفلام رسوم متحركة، ملتزمة وهادفة، تُغرَسُ فيها الفضائل، وتُنفَى عنها المحظورات والمضار والرذائل، لتقدم البدائل المرئية الهادفة، المشتملة على عناصر النجاح والتشويق، القادرة على المنافسة في عالم أصبحت فيه الأسر والأطفال تلاميذ على شاشات التلفاز، وأن هذا الإنتاج أصبح مصلحة راجحة، يغتفر في سبيلها ما دونها مما يصنف في خانة المخالفات الشرعية بالنظر الجزئي.، أو من باب دفع أعظم المفسدتين بارتكاب أدناهما.
(1)رواه البخاري: 5950، ومسلم: 2109.
(2)رواه أبو داود: 4932، وصححه الالباني.
(3) فتح الباري لابن حجر العسقلاني 10/ 527.
- الموضوع الفقهي
- حكم الرسوم المتحركة
- عدد القراء
- 155