- الباب الفقهي
- فتاوى أخرى
- المفتي
- لجنة الفتوى في المجمع الفقهي العراقي
- عنوان الفتوى
- القنوات الفضائية
- السؤال
- ما حكم القنوات الفضائية؟ وضوابطها؟
- الجواب
-
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه وسلم .
أما بعد:
إنّ القنوات الفضائية أحدى وسائل الإعلام، وإن كان المقصود من السؤال حكم القنوات الفضائية الإسلامية، فنقول إن حكمها تبع لحكم الإعلام الإسلامي، إذ يرى بعض الفقهاء والباحثين المعاصرين: إنَّ الإعلام فرض عين على كل مسلم بقدر طاقته، وأصحاب هذا القول يرون أنَّ الإعلام هو الدعوة وهو التبليغ، ومسألة التبليغ واجبة على كل مسلم بقدر طاقته، ودليلهم ؛ أنَّ الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الأمة كلها في قوله تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ ﴾ (1) وأنه لا مكلف إلا ويجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إما بيده أو بلسانه أو بقلبه، يقول ابن كثير في تفسيره لآية آل عمران (ج1/92): فالمقصود منها أن تكون فرقة من هذه الأمة متصدية لهذا الشأن، وإن كان واجباً على كل فرد من الأمة بحسبه لقوله صلى الله عليه وسلم : (مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ)(2) وهذا الحديث أيضاً أحد أدلة وجوب الدعوة.
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً»(3)، فهذا أمر من النبي عليه الصلاة والسلام لجميع أمته بوجوب التبليغ عنه ولو بآية، أي: إنَّ التبليغ واجب على كل مسلم بقدر طاقته.
ومنهم من يرى أن الإعلام الإسلامي فرض كفائي لأنه نمط من أنماط الدعوة فهو يأتي تبعاً لها في الحكم، وجمهور الفقهاء يرون أنَّ الدعوة من فروض الكفاية يقول الشيخ محمد أبو زهرة (4): إنَّ الدعوة الإسلامية في الفقه الإسلامي فرض كفاية أي إنَّ مجموعة من المسلمين إذا قاموا بالدعوة إلى دين الله فإنها تسقط الواجب عن بقية المسلمين، يقول الله تعالى: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾(5)، فهذه قرينة خصصت الأدلة كلها التي جاء الأمر فيها بالدعوة والتبليغ، فـ«منكم» هنا للتبعيض، يقول الرازي(6): لأن في القوم من لا يقدر على الدعوة ولا على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فهذا التكليف مختص بالعلماء، لأن الدعوة مشروطة بالعلم بالخير وبالمعروف وبالمنكر، فثبت أنَّ هذا التكليف متوجه إلى العلماء لا إلى الجهال، والعلماء بعض الأمة، ويقول القرطبي في جامعه(7): و «من» في قوله «منكم» للتبعيض، ومعناه أن الآمرين يجب أن يكونوا علماء وليس كل الناس علماء. وقيل: لبيان الجنس، والمعنى لتكونوا كلكم كذلك، قلت (والقول للقرطبي): القول الأول أصح؛ فإنه يدل على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فرض على الكفاية. ولقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾(8)، فاقتصار التبليغ والإنذار ومنه الإعلام على طائفة من المسلمين يدل على أنه ليس واجباً عينياً وإنما هو على الكفاية، إذ يتوجب ذلك على طائفة محددة.
ونرى أنَّ الإعلام الإسلامي المعاصر كعلم له أصوله وأساليبه ووسائله المخصوصة، أو كنظام ضمن المنظومة الإسلامية، فإنه أحد فروض الكفاية حكمه كحكم الأنظمة الأخرى كنظام الحسبة والنظام القضائي، والنظام التعليمي وغيرها، وهذه كلها من فروض الكفاية كما يذهب إلى ذلك جمهور الأصوليين.
وعلى ضوء ذلك أجازت بعض المجامع الفقهية(9) اتخاذ القنوات الفضائية التي أسست ولا تزال تؤسس للأهداف الدينية والدعوية المحضة، وهي خالية ونقية عن كل شائبة من شوائب الفحش والمجون، والاستفادة منها والله أعلم .
(1)آل عمران: 110.
(2) رواه مسلم: 49.
(3)رواه البخاري: 3461.
(4) الدعوة إلى الإسلام، لابي زهرة ص 43
(5) آل عمران: 104.
(6) تفسير الرازي 4/ 180 -181.
(7) تفسير القرطبي 4/ 523.
(8)التوبة: 122.
(9)كالمجمع الفقهي الإسلامي بالهند
- الموضوع الفقهي
- حكم القنوات الفضائية؟ وضوابطها؟
- عدد القراء
- 182