- الباب الفقهي
- فتاوى أخرى
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- يموت بالوباء ولم يؤد حق الله تعالى ولا حق العباد
- السؤال
- ما هو حال من يموت بالوباء وهو لا يؤدي الفرائض التي افترضها الله عليه، أو مات وعليه دين، أو مات وهو يأكل الحرام وحقوق الناس في ذمته، وبم توصي الناس عموماً، وما هي الوصية لأهل الميت خصوصا؟
- الجواب
-
ليعلم الناس أنَّ من يموت لا يشرك بالله شيئاً فهو إلى مشيئة الله سبحانه ، فإنْ شاء أن يغفر له فلا معقب لحكم الله، وإذا أراد الله جلَّ وعلا رحمة إنسان ارتكب السيئات فإنَّه سبحانه وتعالى يُرضي يوم القيامة المظلوم، ويشير إليه الحديث الشريف: «لتؤدَّن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يُقاد للشاة الجلحاء -التي بدون قرون- من الشاة القرناء». أخرجه مسلم.
أمَّا إذا لم يشأ الله تعالى أن يغفر لهذا زلَّاته فإنه يحاسب على قدر أخطائه، إنْ كان لا يؤدِّي بعض الفرائض، أو كان يرتكب بعض الكبائر، أو كانت ذِمَّتُهُ مشغولة بحقوق النَّاس؛ فإنَّ الله سبحانه وتعالى يؤاخذه على قدر سيئاته، وبعد أنْ ينال عقوبته الأُخروية من العذاب يخرج من النار متفحماً، فيُغمس في نهر الحياة، فيتجدَّد لحمه وجسمه، فيكون لائقاً لدخول الجنة، فيأذن الله تعالى له بدخولها.
أمَّا قولهم بم توصي الناس عموماً وأهل الميت خصوصاً؟ فأسأل الله تعالى أنْ يجعلني ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأوصي الناس عموماً وأهل الميت خصوصاً بتقوى الله في السِّر والعَلَنْ، والتوبة إلى الله مِنْ كلِّ ذنب اقترفه الإنسان صغيراً كان أو كبيراً، فبدون التوبة يكون الإنسان على خطر، فلابد من التوبة، ولا يحتقرنَّ الإنسان الصغائر، فلا صغيرة إن حاسبك بعدله، وقد تكون الصغيرة سبباً لغضب الله تعالى، وقد تكون الطاعة القليلة مرقاة للسعادة، وسبباً لرضى الله سبحانه، فالتوبة واجبة على الصغيرة والكبيرة فيتوبُ الإنسان كأنْ يكونَ مانعاً للزكاة، فينتبه فيتوب إلى الله تعالى فيحسب السنين التي لم يزكها فيزكيها، وفي مالك حق الفقير والمحروم، فإن أعطيته زَكَى المال وبقي نظيفاً، وإنْ لم تعطه فقد أكلت حقَّ السائل والمحروم ظلماً؛ لأنَّ الله سبحانه وتعالى جعل في أموال الأغنياء نصيباً معلوماً للفقراء والمحتاجين، وإنَّ الله قدر في أموال الأغنياء ما يكفي الفقراء، فإذا جاعوا فبظلم الأغنياء لهم، وكثيرة هي الذنوب، مثل قطيعة الرحم التي تقطع الرحمة، وأذى الجار، وأكل الربا وغيرها.
فعلى الناس أنْ يتوبوا، فإنَّ الله فتح أبواب التوبة، ومن مات من غير ما توبة فهم المُصِرُّون على المعصية.
وليعلم أهل الميت الذي مات وعليه دين، أنَّ جلدته في قبره لن تبرد ما دام دينه معلقاً في ذمته، فعلى أهله سداد دينه قبل تنفيذ وصيته، وقبل تقسيم التركة، وكان يوم يُجاء بالجنازة ليُصلى عليها بين يدي رسول الله ﷺ وكانت أُمنية من يموت أن يصلي عليه النبي ﷺ،كان يسأل هل عليه دين؟ وذات يوم جاءت جنازة فسأل ﷺ: «أعليه دين»؟ فقالوا: ديناران، فسكت الناس، فتحمَّلها أبو قتادة الشهم الغيور وقال: هما عليَّ يا رسول الله، فقال رسول الله ﷺ: «قد أوفى الله حق الغريم وبرئ منها الميت؟، قال: نعم، فصلى عليه، ثم قال بعد ذلك بيوم: ما فعل الديناران، فقال: إنما مات أمس، يعني لم يقضها بعد، فعاد أبو قتادة إلى رسول الله ﷺ في الغد، فقال: لقد قضيتهما، فقال رسول الله ﷺ: الآن بردت عليه جلدته».أخرجه أبو داود والنسائي بسند حسن.
فانظر رحمك الله عدالة الله وخبر النبي الذي لا ينطق عن الهوى، فليُسرع مَنْ كان عليه دين، أنْ يوثق الدين، ولا يموت والدائن مجهول، ولا يموت ولم يترك لدينه وفاءً، لأنَّ الدَّين يَسهُلُ قضاؤه قبل الموت، وبعد الموت يصعب.
وفي الحديث الصحيح: «من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه ومن أخَذَ يريد إتلافها أتلفه الله». أخرجه البخاري، فدين الناس لا يسقط.
نسأل الله رحمته وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
- الموضوع الفقهي
- الأوبئة
- عدد القراء
- 167