- الباب الفقهي
- العبادات / الدعاء والاذكار
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الدعاء للكافر
- السؤال
- هل يجوز الدعاء بالرحمة والمغفرة للمشرك والكافر الذي مات على غير ملة الإسلام ؟ بارك الله فيكم
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فإن الترحم على الميت يراد به رحمة مخصوصة وهي مغفرة الذنوب والنجاة من النار، فهو بمعنى الاستغفار، فقد أجمع الفقهاء وبلا خلاف على أنه لا يُدعى بالمغفرة والرحمة للكافر الذي مات على الكفر، لأن الله تعالى قد قضى عليه بالخلود في النار؛ والدعاء له بالرحمة طلب لتغيير قضاء الله المبرم الذي لا يغير ولا يبدل بالدعاء، ولهذا اتفقوا على أن الاستغفار للكافر محظور، بل بالغ بعضهم فقال: يقتضي كفر من فعله؛ لأن فيه تكذيبا ضمنيا لنصوص الكتاب والسنة الدالة على كفرهم وخلودهم في النار والنهي عن الاستغفار لهم. قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [العنكبوت:23]،وقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾ [التوبة:113]، وقوله تعالى: ﴿وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآيَاتِنَا يُؤْمِنُونَ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ﴾ [ الأعراف:157]، والآية أفادت اختصاص الرحمة بمن معه مطلق التقوى وهم المسلمون.
فسؤال الله تعالى أن يرحم الكافر تعد في الدعاء وسؤال ما أخبر الله تعالى أنه لا يكون، قال تعالى: ﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا﴾ [الاحزاب:36]،وقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُولَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾ [البينة:6]،وقال الله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الْأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾ [آل عمران:91،وقال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا([النساء:116]، والى غيرها من الآيات الدالة على أن حكم الكفار في النار خالدين فيها، وأن الجنة عليهم حرام؛ وأنه تعالى لعنهم، ولن يغفر لهم، ونهيه تعالى عن الاستغفار لهم بعد موتهم على الكفر .
وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عن رسول الله ﷺ أنه قال: ((والذي نفس محمد بيده، لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي، ولا نصراني، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به، إلا كان من أصحاب النار)) رواه مسلم. وما رواه البخاري في الأدب المفرد وغيره أن اليهود كانوا يتعاطسون عند النبيّﷺ رجاء أن يقول لهم -يرحمكم الله- فكان يشمتهم بقوله (يهديكم الله ويصلح بالكم) وكان لا يترحم عليهم.
قال الإمام النووي - رحمه الله تعالى- في المجموع [5/144]: (الصلاة على الكافر والدعاء له بالمغفرة: حرام بنص القرآن والإجماع). وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى: [1/130](وقد قال تعالى: ﴿ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ في الدعاء، ومن الاعتداء في الدعاء: أن يسأل العبد ما لم يكن الرب ليفعله، مثل: أن يسأله منازل الأنبياء وليس منهم، أو المغفرة للمشركين ونحو ذلك).وقال أيضا في مجموع الفتاوى: (فإن الاستغفار للكفار لا يجوز بالكتاب والسنَّة والإجماع). وهذا غير الدعاء للكافرين بالهداية حال حياتهم رغبةً في إسلامهم، فإن ذلك جائز، وقد دعا النبي ﷺ لدوس وكانوا كفاراً فقال: ((اللهم اهد دوساً وائت بهم)) متفق عليه. والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- حكم الدعاء بالرحمة والمغفرة للميت غير المسلم
- عدد القراء
- 177