- الباب الفقهي
- فقه الأسرة (الأحوال الشخصية)
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- الرضاعة
- السؤال
- يقول الله تعالى:﴿ ۞ وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ۖ ﴾ [البقرة: 233]، فما هو حكم المرأة الأم التي لا ترضع مولودها مع أنها في حالة صحية جيدة ووضع جسماني سليم ونحن نعلم أن في الرضاعة الطبيعية صحة للمرأة ومولودها، فهل مثل هذه المرأة تعد خارجة عن أمر الله؟ نرجو شرح أهمية الإرضاع وشكراً لكم.
- الجواب
-
قبل الدخول في الجواب نقول:
تعددت أنظار الفقهاء في تفسير الآية التي ذكرها السائل:
فمنهم من يرى أنها جاءت لبيان أن الرضاعة حق للأم، فهي أولى بإرضاعه، ومنهم من يرى: أنها نزلت لبيان أن الرضاعة واجب عليها، فكلمة «يرضعن» في الآية خبر بمعنى الأمر، والنص محتمل كلا المعنيين.
والذي عليه أكثر الفقهاء أن الإرضاع حق للأم، ولو تنازلت عنه لا تجبر على المطالبة به، ولو كان واجباً عليها لجاء النص: وعلى الوالدات رضاع أولادهن، تفسير القرطبي- الجامع لأحكام القرى، ج3/161، وكذا: المغني لابن قدامة 81/226..
فالأم أحق بالإرضاع عند مطالبتها به من الأجيرة المرضعة، وهذا مشار إليه بقوله تعالى: ﴿ ﯤ ﯥ ﯦ ﯧ...﴾ وهذا حالة بقاء الأم زوجة لوالد الرضيع، فإن طلقت فكذلك الحكم ما لم تتزوج، لحديث أبي داود: أن امرأة جاءت إلى النبي ﷺ قالت: يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء، وثديي له سقاء، وحجري له حواء، وإن أباه طلقني وأراد أن ينتزعه مني، فقال لها رسول الله ﷺ: «أنت أحق به ما لم تنكحي»، وإذا تركت الأم حقها في الإرضاع فلا تجبر عليه- عند جميع الفقهاء- وعلى الأب أن يوفر لولده الرضاعة سواء من ثدي أمه أو باستئجار مرضعة، ولا تأثم الأم برفض إرضاع ولدها إن وجد من يرضعه فإن لم يقبل المولود ثدي غير أمه أو لم يوجد غيرها أصلا وجب عليها إرضاعه حفظاً على حياته ولو بأجرة.
وَمِمّا تقدم يتبين لنا أن الأم قد تكره إرضاع ولدها لأسباب كثيرة منها صحية ومنها المحافظة على جمالها- منها اجتماعية كأن تكون من ذوي الشأن والشرف- فلا جناح عليها إن احتفظت بحق قرره الله تعالى لها، والنص القرآني ظاهر في ثبوت ذلك الحق.
وذلك لا يعني أفضلية المطالبة به، ولكن ذلك لا ينافي أن إرضاعها لمولودها هو الأصل والإجراء الطبيعي المتفق بل المحقق للمصلحة المادية- الصحية- والمعنوية:
حيث التربية على الحنان والإيثار اللذين يتربى الطفل عليهما وهو في حجر أمه، فإن الله سبحانه هو الذي كوّن الوليد من نطفة في قرار مكين فجعل رحم أمه له وعاءً وثديها سقاء يناسب دقة خلقه وضعف جسمه، رقةً وكثافةً، ودسومة، ودفئاً، بمقادير علمها الله تعالى وقدرها تقديراً:﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ [الملك: 14]. ولذلك فإن إقبال الكثيرات على تغذية أطفالهن بالحليب المجفف تكلف قد تنشأ عنه أضرار بالولد وربما بوالدته أحياناً- تكفلت بها البحوث والندوات الطبية. وبالله التوفيق. *
*السائل: محمد أحمد عمر/ أربيل.
- الموضوع الفقهي
- حكم الرضاع وحق الأم في إرضاع مولودها؟
- عدد القراء
- 197