- الباب الفقهي
- فتاوى أخرى
- المفتي
- الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار
- عنوان الفتوى
- نساء الجنة والأزواج
- السؤال
- هل للنساء أزواج في الجنة كما للرجال زوجات؟
- الجواب
-
الجنة أسم لجنس النعيم الذي أعده الله لأوليائه من النساء والرجال، وهذا النعيم ماديٌ ومعنوي، فالمادي يشتمل على الطعام والشراب والمساكن والأزواج ونحو ذلك من المحسوسات. والمعنوي يشتمل على الخلود وإحلال الرضا الذي لا غضب بعده؛ ولذة النظر إلى وجهه الكريم.
وفي كل من المادي والمعنوي وصف لنا ما يمكن تصوره وبقي ما لا يمكن تصور مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولم يخطر على قلب بشر مما لا يعلمه إلا الله، فقد وصف الله ما أعدَّه لعباده الصالحين مما يمكن تصوره فقال ( وَفِيهَا مَا تَشْتَهِيهِ الأنْفُسُ وَتَلَذُّ الأعْيُنُ) ولنا أن نتصور ما شئنا مما تشتهيه نفوسنا، وقال فيما لا نملك تصوره من النعيم مما لا يعلمه ملك مقرب ولا نبي مرسل ( فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ) يعني مما تستقر العين عنده ولا تلتفت إلى غيره؛ فالعين إذا نظرت إلى ما يدهشها ويبهرها ولم تر فوقه شيئاً لم يبق تَطلعٌ لها إلى شيء آخر فتستقر.
ومما جاء في القرآن في وصف أنواع النعيم ( وَبَشِّرِ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً وَلَهُمْ فِيهَا أَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ) فقد جمعت الآية اللذات المادية والمعنوية وهي مسكن ومطعم وأزواج، فوصف المسكن بقوله ( جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الأنْهَارُ) والمطعم بقوله ( كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ) والأزواج بقوله ( وَلَهُمْ فِيهَا أَزْواجٌ مُّطَهَّرَةٌ) وأزواج هنا تعني رجالا للنساء وزوجات للرجال، ثم طمأنهم من خوف زوالها فوصفهم بالخلود فقال( وَهُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) فدلت على كمال التنعم المادي والمعنوي.
ووصف القرآن نساء الجنة خاصة فقال ( وَعِندَهُمْ قَاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَّكْنُونٌ) ذكر عزوجل في هذه الآية الكريمة ثلاث صفات من صفات نساء أهل الجنّة:
الأولى: أنهن (قَاصِراتُ الطَّرْفِ) والطرف هو العَين أي عيونهن قاصرات على أزواجهن لا ينظرن إلى غيرهم لشدة اقتناعهن واكتفائهن بهم، والوصف يحمل دلالة عفتهن وحبهن لأزواجهن.
الثانية: أنهن ( عِينٌ) وعين جمع عيناء وهي واسعة العين، وهي التي يقال لها النجلاء.
الثالثة: أن ألوانهن بِيضٌ بياضًا مشربًا بصفرة لأن ذلك هو لون بيض النعام الذي شبّههن به.
هذا ما علمناه مما نطقت به النصوص؛ ويبقى ما عند الله خير وأبقى فقوله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عن ربه "أَعْدَدْتُ لِعِبَادِي الصَّالِحِينَ ما لَا عَيْنٌ رَأَتْ ولا أُذُنٌ سَمِعَتْ ولا خَطَرَ على قَلْبِ بَشَرٍ"(1) يحمل من المعاني الكثير مما لا يمكن أن يخطر على البال هنا؛ ولكن سنجده هناك بإذن الله لنساء الجنة ورجالها، والله أعلم.
(1)رواه البخاري 4/1794، حديث رقم 4501. ومسلم 4/2174، برقم 2824.
- الموضوع الفقهي
- نساء الجنة والأزواج
- عدد القراء
- 197