- الباب الفقهي
- البيوع والتعاملات المالية
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- الفرق بين البيع بالآجل وبين الربا
- السؤال
- : اشترى رجل بضاعة بألف دينار وباعها بألف وخمسمائة دينار، سلف المصرف العقاري شخصاً مبلغ ألف دينار ثم سدد المقترض مع مرور الزمن مبلغ ألف وخمسمائة؛ لماذا كانت الصورة الأولى جائزة والثانية محرمة؟
- الجواب
-
الفرق بين الصورتين اللتين ذكرتهما واضح، لأن الصورة الأولى بيع مطلق، وقد قال الله تعالى ﴿ وأحل الله البيع ﴾ والثانية ربا محض، فقال تعالى ﴿وحرم الربا ﴾، والبيع مبادلة مال بمال بين متبايعين مكلفين، فإن كان مبادلة سلعة بسلعة فهو المقايضة كبيع سيارة معلومة بقطعة أرض معلومة فتجوز حسبما يتفق الطرفان، وإن كان مبادلة سلعة بنقد فهو البيع المطلق كالصورة الأولى في السؤال، فيجوز أيضاً، وإن كان مبادلة نقد بنقد فهو الصرف ويشترط لجوازه التقايض والتماثل في الجنس الواحد كالذهب بالذهب والتقابض فقط إن كان بين جنسين كالذهب بالفضة، للحديث الشريف: «لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثلٍ ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل ولا تشفوا بعضها على بعض ولا تبيعوا منها غائباً بناجز»(١)
فهذه صور البيع الذي أحله الله تعالى ولا تشترط الشريعة الإسلامية نسبة معينة في الربح، كما لا تجيز الاحتكار وهو قصد محرم لأنه امتناع عن البيع من المحتاج إلى السلعة بقصد ارتفاع القيمة وتدعو الشريعة إلى السماح في البيع والتساهل فيه .
ففي الحديث الشريف: «رحم الله امرءً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا قضى وإذا اقتضى»، وفي الحديث أيضاً: «إذا ربحتَ فبع» ولم تقيد الشريعة الناس بنسبة معينة فقد يشتري التاجر البارع الحاجة بثلاثة أضعاف ما هو معروف من النقد، ولو توقف عن شرائها لخسر مئات أضعاف ذلك وهو حينئذ غبي مغبون. أما الصورة الثانية فهي قرض يجب أن يعود إلى المقرِض قدر ما أعطاه وكل قرضٍ جر نفعاً فهو ربا، فينبغي أن نفرق بين البيع والقرض،
ثم إن البيع مبناه على قصد الربح ولو كان في ذلك خدمة للناس، بينما القرض مبناه على التعاون المجرد عن المادة والنفع، ومن هنا عظم ثواب المقرض لأنه فرّج كربة ويسّر على معسر، وفي الحديث: «درهم الصدقة بعشرة ودرهم القرض بثمانية عشر»، قال الصحابة رضي الله عنهم: كيف ودرهم الصدقة لا يعود إليه؟ قال عليه الصلاة والسلام: «لأن الصدقة تقع بيد المحتاج وغير المحتاج والقرض لا يقع إلا بيد المحتاج»، أو كما قال: قال الله سبحانه: ﴿ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا ۗ وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ۚ فَمَن جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِّن رَّبِّهِ فَانتَهَىٰ فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ ۖ وَمَنْ عَادَ فَأُولَٰئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ ۖ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾(٢)
وقال تعالى: ا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لَا تَظْلِمُونَ وَلَا تُظْلَمُونَ * وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٣)
(١)رواه البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه. والورِق الفضة
(٢)سورة البقرة، الآية 275
(٣)سورة البقرة، الآيات 278-280.
- الموضوع الفقهي
- الفرق بين البيع بالآجل وبين الربا
- عدد القراء
- 184