نعم هناك فقيهان عرفا بهذا، الأول: الحافظ الإمام أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد الكناني العسقلاني الأصل، قاضي القضاة المعروف بابن حجر صاحب فتح الباري شرح صحيح البخاري، لا صحيح مسلم، ولد عام 773هـ، الشافعي، وتوفي في القاهرة سنة 852هـ ويقال 854هـ.

أما الثاني: فهو شهاب الدين شيخ الإسلام أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر الهيتمي الفقيه الشافعي المعروف صاحب تحفة المحتاج شرح منهاج الطالبين للنووي رحمهما الله تعالى، ولد عام 909هـ، وتوفي 974هـ على المشهور، ومن خلال مراجعة تاريخ وفاة الحافظ ابن حجر العسقلاني في 854هـ وملاحظة ولادة الإمام ابن حجر الهيتمي في 909هـ نجد أن الفترة الزمنية بين وفاة العسقلاني وولادة الهيتمي تزيد على خمسين سنة بقليل.

وحديث الغرانيق شنع عليه أهل العلم والتحقيق واعتبروه قصة باطلة مردودة تخالف منطوق النص القرآني، وتنافي عصمة الأنبياء وصريح القرآن لقوله تعالى: ﴿ وَمَا يَنطِقُ عَنِ ٱلۡهَوَىٰٓ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ﴾(١)، وقد شنع عليها العلماء، قال القاضي أبو بكر العربي: إن جميع ما ورد في هذه القصة باطل مردود لا أصل له.

وقال ابن إسحاق:هي من وضع الزنادقة.

وقال الحافظ البيهقي: رواتها مطعون فيهم.

وقال ابن كثير: ذكر كثير من المفسرين قصة الغرانيق وهي روايات مرسلات ومنقطعات لا تصح.

وقال القاضي عياض: «هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه أحد بسند متصل سليم وإنما أولع به وبمثله المؤرخون المولعون بكل غريب والمتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم»(٢).

(١)سورة النجم: 3-4.

(٢)راجع: تفسير القرطبي ج12/ 81، 82، وصفوة التفاسير، الكراس 9/ ص43، ولم أطلع على تصحيح هذه القصة من قبل هذين الإمامين (ابن حجر العسقلاني وابن حجر الهيتمي أو أحدهما)، ولا أظن أنهما يغفلان عن هذا.