ما حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في ارسال الرسائل النصية في وسائل التواصل الاجتماعي، ويطلب فيها المرسل إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص. جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الحلف
- السؤال
- ما حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في ارسال الرسائل النصية في وسائل التواصل الاجتماعي، ويطلب فيها المرسل إرسالها إلى عدد معين من الأشخاص. جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعـد:
فان إرسال الرسائل التي تحث على ذكر الله تعالى والدعاء، وأحاديث النبي عليه الصلاة والسلام من عمل اليوم والليلة وغيرها، ومن المواعظ والحِكم والقصص والمرويات الهادفة أمر مشروع ومحمود، وهو من باب التعاون على البر والتقوى سواء كانت عبر الهاتف النقال أو غيره من وسائل التواصل الاجتماعي، بشرط التحقق من صحة هذه المرويات، وأن يقتصر فيه على ما ورد عن الشارع الحكيم؛ لأن الأصل في العبادات أن تكون توقيفية لا كيفية وذوقية، وأن لا يلزم الناس بما لم يلزمهم به الشارع الحكيم، فلا يرتب الأجر ولا الإثم شرعا إلا بالدليل، فمن ادعى أجرا أو إثما فإنه مطالب بالدليل، وإلا يكون قد نصّب نفسه مشّرعا مع الله تعالى والعياذ بالله تعالى.
وأما قولهم: أستحْلِفُك بالله أن ترسلها ،أو أمانة في عُنُقك، أو قولهم: إذا لم ترسلها سيحدث لك مكروه ونحو ذلك، كلّ هذا مُحرّم ولا يَجوز شرعا، لِما فيه مِن إلْزَام الناس بما ليس بِلازِم لهم، فلا يجوز إكراه الناس وإجبارهم والتضيق عليهم بمثل هذه الطرق، فالإسلام دين يسر ورحمة وسعة، وقد قرر العلماء- جزاهم الله خيرا-: أن مجرّد قراءة الإنسان الحلفَ أو اليمين لا ينعقد يمينه؛ لأن اليمين التي تنعقد هي ما عُقِد عليها القلب، وقالها اللسان، لقوله تعالى: ﴿لا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الأَيْمَانَ﴾. [المائدة:89].
وقد كره العلماء إلزام الناس بقول أسألك بالله عز وجل، إلا في موطن الحاجة ورفع الظلم ونحوه، لِما فيه من حرج ومشقة، إذ قد لا يتسنى له فعل ما طُلب منه.
قال الشيخ ابن عثيمين- رحمه الله تعالى-: ( لا ينبغي للإنسان أن يلجئ أخاه ويحرجه في قوله: أسألك بالله، وذلك؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: (من سألكم بالله فأجيبوه) (رواه أبو دلود)، فإذا قلت للشخص: أسألك بالله أحرجته؛ لأنه يبقى متردداً هل يجيبك أو لا يجيبك؟ وقد يكون في إجابته لك ضرر عليه، فلا ينبغي للإنسان أن يسأل أخاه هذا السؤال، ولذلك أنا أنصح جميع إخواني المسلمين ألا يقولوا لإخوانهم: أسألك بالله).
فلا يجب على من وصلته مثل هذه الرسائل إرسالها، وإن اراد ذلك فلا يرسلها إلا بعد التأكد من صحة محتواها، فقد انتشرت في الآونة الاخيرة في وسائل التواصل الإجتماعي الكثير من الأحاديث الموضوعة والآثار المكذوبة إو شديدة الضعف، فمن وصلته رسالة منها فيجب عليه أن يبين للمرسل الحكم والصواب؛ لأن هذا من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ومن باب النصيحة للمسلمين، فقد قال عليه الصلاة والسلام في صحيح مسلم: (الدين النصيحة...) (رواه مسلم)، وأن لا يخاف من التهديد الذي تحويه، وليوقن بانه لا يضره، فقد قال عليه الصلاة والسلام في وصيته لابن عباس – رضي الله عنهما- في الحديث الذي رواه الترمذي وقال حسن صحيح: ((واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف)) (رواه أحمد والترمذي).
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- حكم الاستحلاف بالله أو التهديد في إرسال الرسائل النصية
- عدد القراء
- 197