لا يخفى عليكم ما تمر به الأمة اليوم من واقع مؤلم وتسلط الأعداء ،حتى دب اليأس في نفوس الكثير، فهل من كلمة تطمئن لها النفوس ؟ جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- النصر والتمكين وعد لأهل التوحيد
- السؤال
- لا يخفى عليكم ما تمر به الأمة اليوم من واقع مؤلم وتسلط الأعداء ،حتى دب اليأس في نفوس الكثير، فهل من كلمة تطمئن لها النفوس ؟ جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛أما بعد:
فعلى الرغم من هذا الظلام الحالك الذي تعيشه الأمة والواقع المرير المؤلم، مع هذا فنحن متفائلون وموقنون بنصر الله تعالى ووعده، فهو وعد الله تعالى ووعد الرسول ﷺ بالنُصرة والتمكين لهذا الدين، وما نحن فيه لآن ما هو إلا حالة مؤقتة ليميز الله تعالى الخبيث من الطيب، فلابد من البلاء والتمحيص ليخلص أهل الإيمان، والله تعالى قد كتب في كتبه السماوية أن النصرة لا تكون إلا لأهل الإيمان والصلاح وأهل التوحيد الخالص الذين ينبذون الشرك بكافة أنواعه ويحاربونه ﴿وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آَمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ﴾ [سورة النور:55]، وورثة الأرض لا تكون إلا لهم ﴿وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ﴾ [الأنبياء: 105].
وقد بشرنا رسولنا الكريم ﷺ بالنصر والرفعة والتمكين لهذه الأمة فعن تميم الداري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله ﷺ يقول: ((لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَرٍ وَلَا وَبَرٍ إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ، بِعِزِّ عَزِيزٍ أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلٍ ،عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ)) رواه أحمد في مسنده وصححه الألباني، وعن ثوبان رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: ((إنَّ اللهَ زَوَى لِيَ الأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا وَإِنَّ مُلْك أُمَّتِي سَيَبْلُغُ مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا وَإِنِّي أُعْطِيتُ الْكَنْزَيْنِ الأَحْمَرَ وَالأَبْيَضَ...)) رواه مسلم.
بشرى نبوية مباركة بأنَّ الأمَّة الإسلامية سوف تسترجع عزَّتها وقوَّتها وخلافتها حتَّى يٌظهرها الله تعالى على سائر الأمم والملل، وتكونَ هي المسيطرةَ على جميع أهل الأرض؛ لأنَّ الليل والنهار يحيطان بالكرة الأرضية كلِّها، ويبلغان مشارقها ومغاربها بأسرها.
وإنَّ هذا الوعد الإلهي والبشرى النبوية في تمكين الإسلام واستخلاف أهله لا شكَّ في صحَّته وصدقه، وهو حقيقةً ثابتة، ولا يعني ذلك التواكل حتَّى يكون الله تعالى هو الذي يُغيِّر، فقد جرت سنَّته تعالى أنَّه لا يغيِّر ما بقوم حتَّى يغيِّروا ما بأنفسهم، فالنصر والتمكين مشروط بإصلاح الناس ما بأنفسهم، فهل أصلحنا ما بأنفسنا أيها الأحبة ؟! هل نحن مؤهَّلون لهذا الوعد الإلهي الكريم وتلقي البشرى النبوية للأمة ؟! فلينظر المسلم إلى نفسه، هل حقَّق شرط الله عزَّ وجل من صحة الإعتقاد وإخلاص التوحيد والعبودية له وحده سبحانه وتعالى وعمل الصالحات وترك المنهيات ؟! والأخذ بأسباب النصر والتمكين في الأرض التي ذكرها في كتابه العزيز.
فلا تيأسوا أيها الأحبة فإنه دين الله تعالى، والله ناصر دينه لا محالة، وإن المستقبل لهذا الدين، والغلبة لأهل التوحيد، فلنتوكل على الله تعالى ونصلح أحوالنا، ونرجع إليه منيبين مخبتين تأبين موحدين، لنستحق النصر والتمكين، ونسأله تعالى أن ينصر الإسلام والمسلمين ،ويخذل ويذل عدونا، وأن يهيئ لنا من يجدد لنا أمر ديننا، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قال:((إِنَّ اللَّهَ يَبْعَثُ لِهَذِهِ الْأُمَّةِ عَلَى رَأْسِ كُلِّ مِائَةِ سَنَةٍ مَنْ يُجَدِّدُ لَهَا دِينَهَا)) رواه ابو داود وصححه الشيخ الالباني . )وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ([يوسف:21].
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- النصر والتمكين وعد لأهل التوحيد
- عدد القراء
- 196