ممكن تبين لنا حكم سب الرموز الإسلامية من الصحابة الكرام وأهل البيت والانتقاص منهم ؟ فقد انتشر هذا في الآونة الاخيرة مع الاسف الشديد. جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم سب الرموز الإسلامية
- السؤال
- ممكن تبين لنا حكم سب الرموز الإسلامية من الصحابة الكرام وأهل البيت والانتقاص منهم ؟ فقد انتشر هذا في الآونة الاخيرة مع الاسف الشديد. جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فان سلف الأمة الصالح من الصحابة الأخيار ومنهم أهل البيت الأطهار، هم خير هذه الأمة وأفضلها وأبرها بعد رسول الله ﷺ، وقد أثنى الله تعالى عليهم أحسن الثناء، وأثنى عليهم رسوله ﷺ ومات وهو راض عنهم، وأجمع من يعتد بإجماعه من هذه الأمة على حبهم وتوقيرهم والترضي عنهم وحرمة سبهم والانتقاص منهم، قال الله تعالى: ﴿وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ﴾. [التوبة: 100]، وقال تعالى: ﴿مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا﴾. [الفتح: 29]. وتأمل قوله : ﴿لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ﴾، وإلى غيرها من الآيات الدالة على فضلهم وعلو مكانتهم.
ومن السنة قول النبيّ ﷺ: ((لَا تَسُبُّوا أَصْحَابِي، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ أَنْفَقَ مِثْلَ أُحُدٍ ذَهَبًا، مَا أَدرَكَ مُدَّ أَحَدِهِمْ وَلَا نَصِيفَهُ)) . أخرجه البخاري ومسلم ، وقال أيضاً: ((خَيْرُ أُمَّتِي قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ)) متفق عليه، وقوله عليه الصلاة والسلام: ((أَكْرِمُوا أَصْحَابِي؛ فَإِنَّهُمْ خِيَارُكُمْ)) رواه احمد في المسند والصنعاني في مصنفه وعبد بن حميد في مسنده، وفي رواية: ((احْفَظُونِي فِي أَصْحَابِي)) سنن ابن ماجه ومسند أحمد والحاكم في مستدركه وصححه ووافقه الذهبي، وإلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة الصريحة بمدحهم والثناء عليهم، وتعداد فضائلهم جملة وتفصيلاً.
والصحابي هو: من لقي النبيّ ﷺ مؤمنا به ومات على الإسلام، فيدخل في من لقيه من طالت مجالسته أو قصرت، ومن روى عنه أو لم يرو، ومن غزا معه أو لم يغز، ومن رآه رؤية ولم يجالسه ومن لم يره لعارض كالعمى.[ ينظر: نزهة النظر لابن حجر 1/111].
والمراد بأهل البيت ؛هم الذين حُرمت عليهم الصدقة من أزواجه وذريته وكل مسلم ومسلمة من ذرية عبد المطلب؛ وهم بنو هاشم بن عبد مناف، ويلحق بهم بنو المطلب بن عبد مناف في تحريم الصدقة عليهم، لمشاركتهم إياهم في إعطائهم من خمس الخمس.
وبلا شك أن من سب وانتقص من تواترت نصوص الكتاب والسنة بفضلهم فإنه مكذب لله ولرسوله ﷺ، فتقام عليه الحجة، فإن تاب ورجع إلى الحق، فالله توابٌ رحيم، وإن تمادى في سبهم والانتقاص منهم ولم يتب ولم ينصع للحق، فهو ضال مضل خارج عن ملة الإسلام، نقل ذلك غيرُ واحدٍ من أهل العلم، وهذا في من سبهم جملة، وكذلك من سب واحداً منهم تواترت النصوص بفضله، فيطعن فيه بما يقدح في دينه وعدالته، وذلك لما فيه من تكذيب لتلك النصوص المتواترة والإنكار والمخالفة لحكم معلوم من الدين بالضرورة، وكذلك فيه إيذاء له ﷺ؛ لأنهم أصحابه وأهل بيته، أزواجه أمهات المؤمنين وخاصته، فسب المرء في خاصته يؤذيه بلا شك، والطعن فيهم طعن فيه؛ لأن الطعنَ في الصاحب طعنٌ في المصحوب، وهذا من الايذاء، وأذى الرسول ﷺ كُفر كما هو مقرر، فسبُّ الصحابة رضوان الله عليهم دركات بعضها شرٌ من بعض.
وأما من سب من تواترت النصوص بفضله بما لا يقدح في دينه وعدالته، كأن يصفه بالبخل أو الجبن، أو سب بعض من لم تتواتر النصوص بفضله، فلا يُكّفَر بمجرد ذلك السب، لعدم إنكاره ما علم من الدين بالضرورة، فقد اجمعوا على أنه فاسق، لارتكابه كبيرة من كبائر الذنوب، يستحق عليه التعزير والتأديب، على حسب منزلة الصحابي، ونوعية السب والانتقاص.
فالواجب على المسلم أن يُحب رموز الأمة من صحابة رسول الله ﷺ الأخيار وأهل بيته الأطهار، وأن يُجلّهم ويترضى عنهم، وينزلهم المنزلة اللائقة بهم؛ لأن سبهم والانتقاص منهم حرام بالإجماع، وهو إثم عظيم وخطر كبير قد يخرج من ملة الإسلام والعياذ بالله تعالى.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- حكم سب الرموز الإسلامية
- عدد القراء
- 181