- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار
- عنوان الفتوى
- حكم الرقى والتمائم
- السؤال
- ما حكم تعليق ما يسمى بالحجاب للأطفال كنوع من علاج العين والحسد؟
- الجواب
-
أشتهر بين الناس أن هذا شرك؛ والشرك حرام. وقد ورد عن رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إنَّ الرُّقَى وَالتَّمَائِمَ وَالتُّوَلَةَ شِرْكٌ) *. فالرُّقَى: جَمْعُ رُقْيَةٍ وهي ما يُقرأ على المريض من أذكار وأدعية بقصد العلاج. وَالتَّمَائِمُ: جَمْعُ تَمِيمَةٍ: وَهِيَ خَرَزَاتٌ كانت الْعَرَبُ تُعَلِّقُهَا على أَوْلادِهِمْ يَمْنَعُونَ بها الْعَيْنَ في زَعْمِهِمْ. وَالتُّوَلَةُ: شَبِيهٌ بِالسِّحْرِ يَصْنَعُهُ النِّسَاءُ يَتَحَبَّبْنَ إلَى أَزْوَاجِهِنَّ.
وجعل هذه الثَّلاثَةَ من الشِّرْكِ؛ لأنهم كانوا يعْتِقدون أَنَّ هذه الأمر تُؤَثِّرُ بِنَفْسِها، أو بقوة من الجن. لذا ورد أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم قال: (من تَعَلَّقَ تميمة فَلا أَتَمَّ اللَّهُ له وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدَعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ له) **. وهذا دُّعَاءُ منه على من اعْتَقَدَ في التَّمَائِمِ، وَعَلَّقَهَا على نَفْسِهِ بِضِدِّ قَصْدِهِ، وهو عَدَمُ التَّمَامِ لِمَا قَصَدَهُ من التَّعْلِيقِ، وَكَذَلِكَ (فَلا وَدَعَ اللَّهُ له) دُعَاءٌ على من فَعَلَ ذلك.
إلا أنه ورد عَنْ أَنَسٍ رضى الله عنه قال: (رَخَّصَ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- في الرُّقْيَةِ من الْعَيْنِ وَالْحُمَةِ وَالنَّمِلَةِ) ***. فهذا نص في الرخصة في مثل هذه الحالات في الرقية، والرُّقْيَةِ من الْعَيْنِ: أَيْ من إصَابَةِ الْعَيْنِ. وَالْحُمَةِ: وَالْمُرَادُ بِالْحُمَةِ السُّمُّ من ذَوَاتِ السُّمُومِ، وقد تُسَمَّى إبْرَةُ الْعَقْرَبِ وَالزُّنْبُورِ وَنَحْوُهُمَا حُمَةً؛ لِأَنَّ السُّمَّ يَخْرُجُ منها. وَالنَّمِلَةُ: قُرُوحٌ كانت تَخْرُجُ في الْجَنْبِ فيعالجونها بالرقية.
وهذا يحمل أنها كانت شرعية؛ ويؤيد هذا: ما ورد أن بعض الصحابة كانوا يرقون في الْجَاهِلِيَّةِ، فَقالوا: يا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى في ذلك؟ أي بعد أن علموا نهيه -صلى الله عليه وسلم- عن الرقية خوف اعتقاد أثرها الذاتي بالفعل؛ فقال -صلى الله عليه وسلم-: ( اعْرِضُوا عَلَيَّ رُقَاكُمْ، لا بَأْسَ بِالرُّقَى ما لم يَكُنْ فيه شِرْكٌ) . فلا بَأْسَ بِالرُّقَى ما لم يَكُنْ فيه شَيْءٌ من الشِّرْكِ الْمُحَرَّمِ. وهذا دَلِيلٌ على جَوَازِ الرُّقَى والتطبب بِمَا لا ضَرَرَ فيه، وَلا مَنْعَ من جِهَةِ الشَّرْعِ، وَإِنْ كان بِغَيْرِ أَسْمَاءِ اللَّهِ وَكَلامِهِ لَكِنْ إذَا كان مَفْهُومًا لِأَنَّ ما لا يُفْهَمُ لا يُؤْمَنُ أَنْ يَكُونَ فيه شَيْءٌ من الشِّرْكِ.
وقد قسم بعض العلماء الرُّقَى على ثَلاثَةُ أَقْسَامٍ:
أَحَدُهَا: ما كان يُرْقَى بِهِ في الْجَاهِلِيَّةِ مما لا يُعْقَلُ مَعْنَاهُ؛ فَهذا يَجِبُ اجْتِنَابُهُ لِئَلَّا يَكُونَ فيه شِرْكٌ، أو ما يؤدي إلَى الشِّرْكِ.
الثَّانِي: ما كان بِكَلامِ اللَّهِ أو بِأَسْمَائِهِ؛ فَهذا يَجُوزُ؛ لأنَّ علة الشرك منتفية فيه، فَإِنْ كان بدعاء مَأْثُور فَيُسْتَحَبُّ.
الثَّالِثُ: ما كان بِأَسْمَاءِ غَيْرِ اللَّهِ من مَلَكٍ أو صَالِحٍ أو مُعَظَّمٍ من الْمَخْلُوقَاتِ كَالْعَرْشِ، فَهَذَا تَرْكُهُ أَوْلَى. وإذا كان يَتَضَمَّنَ تَعْظِيمَ المرقى بِهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يُجْتَنَبَ؛ لأنه قد يكون كَالْحَلِفِ بِغَيْرِ اللَّهِ. وما يسمى الحجاب أو الحرز يأخذ أحد الأحكام الآتية:
1. ما كان يحوي على أوفاق وطلاسم غير مفهومة يخشى منه ذريعة الشرك، فهو حرام.
2. وما كان يحوي أدعية مأثورة، واستغاثات بأسماء الله وصفاته، فهذا جائز إذا أمن على الحرز من أن تصيبه النجاسة.
3. وما كان من كلام غير مفهوم فتركه أولى.
* أخرجه أَحْمَدُ وأبو دَاوُد وابن ماجة والْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ؛ وَصَحَّحَهُ أَيْضًا ابن حِبَّانَ وهو من رِوَايَةِ ابن أَخِي زَيْنَبَ امْرَأَةِ ابن مَسْعُودٍ عنها عن بن مَسْعُودٍ، قال الْمُنْذِرِيُّ: وَالرَّاوِي عن زَيْنَبَ مَجْهُولٌ.
** أخرجه أَحْمَدُ، وقال في مَجْمَعِ الزَّوَائِدِ وأَخْرَجَهُ أبو يَعْلَى وَالطَّبَرَانِيُّ وَرِجَالُهُمْ ثِقَاتٌ.
*** رَوَاهُ وَمُسْلِمٌ، وَالتِّرْمِذِيُّ، وابن ماجه.
- الموضوع الفقهي
- حكم الرقى والتمائم
- عدد القراء
- 212