- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار
- عنوان الفتوى
- مراجعة العرافين
- السؤال
- هل يجوز مراجعة العرافين و"الشوافين" لغرض تيسير بعض الأمور؟
- الجواب
-
من البلايا التي انتشرت بين النساء أكثر من الرجال: إتيانُ الدجالين والعرافين وتصديقُهم، بل والبعض يعتقد فيهم الصلاح والدين. وهذه القضية تمثل خللاً عقائديًا من جانبين:
الأول: اعتقاد أن غير الله يعلم الغيب؛ والمؤمن يؤمن أن الغيب لا يعلمه إلا الله -عز وجل- : ((عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَداً)) سورة الجن، الآية: 26 . والله -عز وجل- لا يطلع أحداً من خلقه على الغيب إلا بعض الرسل من باب التدليل على صدق نبوتهم: ((إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَداً )) سورة الجن، الآية:27 .وكل من يدَّعي معرفة الغيب من غير الرسل فهو دجال محجوج بهذه الآية.
الثاني: الإسلام حارب الخرافة. لذا نهى عن التطير، وربط الأحداث بأسباب غير معقولة؛ فلما كَسَفَتْ الشَّمْسُ على عَهْدِ رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يوم مَاتَ إِبْرَاهِيمُ، فقال الناس: كَسَفَتْ الشَّمْسُ لِمَوْتِ إبراهيم. فقال رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- : (إِنَّ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَا يَنْكَسِفَانِ لِمَوْتِ أَحَدٍ ولا لِحَيَاتِهِ فإذا رَأَيْتُمْ فَصَلُّوا وَادْعُوا اللَّهَ) *. فقد رفض النبي -صلى الله عليه وسلم- التفسير الخرافي للكسوف رغم أنه جاء متناسقًا مع دعوته؛ ذلك لأن الإسلام لا يقبل الخرافة. وهذه الطريقة في التعامل مع الأحداث خرافة ودجل.
وهذه الخرافة قد جعل الله عقوبتها أن لا يقبل صلاة العبد المصدِق بها أربعين يومًا. بمعنى: أن العبد غير مقبول عند ربه؛ فقد يقوم المكلف بالعبادة على أتمِّ وجهٍ من ناحية مراعاة شروطها وأركانها إلا أنها لا تقبل؛ لأنه غير مقبول عند الله. وقد يصح العمل ويتخلف القبول لمانع، ولهذا جاء عن بعض السلف: "لأن تقبل لي صلاة واحدة أحب إلى من جميع الدنيا".
ومن موانع قبول الصلاة مع صحتها: تصديق العرافين. فعن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (من أتى عَرَّافًا فَسَأَلَهُ عن شَيْءٍ لم تُقْبَلْ له صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً)**. والعراف: من يأتي بالأخبار عن طريق وليه أو قرينه من الجن. وفي حكمه الكاهن، والمنجم، والذي يتعاطى معرفة مكان المسروق، ومكان المفقود، ونحوهما. ومعنى عدم قبول الصلاة: أنه لا يثاب عليها وإن كانت مجزئة فى سقوط الفرض عنه، ولا يحتاج معها إلى إعادتها .
فليست العبرة في أن نعمل، بل العبرة في أن يُقبل. وفوق هذا: فقول العراف لا يعد وسيلة شرعية لإثبات الجناية (سرقة أو غيرها)؛ لأنَّ الشريعة الإسلامية حصرت الإثبات بالبينة على المدعي من شهود وقرائن حال واليمين على المنكر. وعرافة العراف لا هي من نوع البينة، ولا هي يمين. وقد تُخربُ بيوتًا، وتثير مشكلاتٍ بسبب كذب العراف. والعياذ بالله.
*رواه البخاري 1/354، برقم 996.
**رواه مسلم 4/1751، برقم 2230.
- الموضوع الفقهي
- مراجعة العرافين
- عدد القراء
- 192