- الباب الفقهي
- العقائد
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- كل شيء في كتاب
- السؤال
- قال تعالى (مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ ) إذا كان كل شيء مكتوباً من قبل أن نخلق فلماذا الحساب؟
- الجواب
-
إن من الكمال الثابت لذات الله العلية أن يكون محيطاً بكل شيء علماً، فهو سبحانه ﴿ بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ أَنَّىٰ يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُن لَّهُ صَاحِبَةٌ ۖ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾، وقال تعالى : ﴿ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ﴾، وقال تعالى : ﴿ أَلَا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ﴾ فمقتضى ألوهيته عز وجل أنه خلق كل شيء فهو عليم بما يصدر عن خلقه، وما يتصف به كل مخلوق وبكل التفاصيل فلا يقع في ملكه شيء إلا بعلمه. قال تعالى: ﴿وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ۚ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ ۚ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ﴾
فالمكتوب إذاً: استناداً إلى علم الله تعالى المحيط بالأشياء قبل خلقها ﴿مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا ۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ﴾ سابق علينا خفي عن الخلق.
أما الحساب فمبني على أن الله تعالى أعطى العبد عقلاً وقدرةً وجعل له مشيئةً واختباراً فحين يفعل الخير باختياره يستحق الثناء والثواب، وحين يرتكب الإثم ويكتسب المعاصي باختياره يستحق العقاب، ولا غرابة في هذا، فالحساب والعقاب بسبب اختيار الشر وفعله بممارسة أسبابه المؤدية إليه، فالإنسان لا يعلم ما كتب عليه ولا هو مطالب بمعرفة المكتوب عليه، وإنما هو مطالب بما وجب عليه، وهو يعلم ما أوجبه الله تعالى عليه، وهو قادر على امتثال أمر الله تعالى (ولا يكلف بما ليس في وسعه) في الخير والشر فإن الله أعطاه القدرة على فعل الأمرين، وجعل له مشيئة في سلوك أي الطريقين: ﴿ إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَّبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا (2) إِنَّا هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ إِمَّا شَاكِرًا وَإِمَّا كَفُورًا﴾وقال تعالى: ﴿ إِنَّ هَٰذِهِ تَذْكِرَةٌ ۖ فَمَن شَاءَ اتَّخَذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا ﴾ جعل تقوى الله في العبد علامة على أنه مكتوب عند الله تعالى من السعداء فما عليه إلا أن يحمد الله تعالى ويسأله الثبات ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7)﴾ ومن كان في مسيرة حياته معرضاً عن منهج الإسلام فذلك علامة أنه مكتوب عند الله شقياً، ما لم يتب ويغير منهجه ﴿ فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9)﴾
وقد ورد في الحديث الصحيح: أن النبي ﷺ حين ذكر ما كتب على المرء في بطن أمه- قال بعض الصحابة: أفلا نتكل؟- فقال: اعملوا فكل ميسر لما خلق له، وقرأ: ﴿ وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا (5) وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا (6) وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا (7) فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا (8) قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (9) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (10) ﴾، وبالله التوفيق.
- الموضوع الفقهي
- كل شيء في كتاب
- عدد القراء
- 210