- الباب الفقهي
- العبادات / الزكاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور طه أحمد الزيدي
- عنوان الفتوى
- زكاة الحلي المستعمل
- السؤال
- هل تجب الزكاة في حلي المرأة الذي تلبسه اذا بلغ النصاب؟
- الجواب
-
الأصل أن الذهب إذا بلغ النصاب وهو عشرون مثقالا أو خمسة وثمانون غراماً وحال عليه الحول، وجبت فيه الزكاة، ووقع الخلاف في وجوب زكاة الذهب إذا كان حُلياً تتزين به النساء،
وهنا تفصيل: إذا كان الحلي يغلب عليه الادخار والكنز، أو بنية التجارة به، فالزكاة فيه واجبة عند جمهور الفقهاء؛ لأن الوجوب هو الأصل فيه، وإن كان يغلب عليه الاستعمال المباح، فأميل الى ترجيح وجوب الزكاة في الحلي في كل سنة ما دام النصاب تاما، للأدلة في وجوب زكاة الذهب، ومنها: قوله تعالى: "وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35) (سورة التوبة)، وقوله ﷺ : (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ وَلَا فِضَّةٍ، لَا يُؤَدِّي مِنْهَا حَقَّهَا، إِلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ، صُفِّحَتْ لَهُ صَفَائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ، فَيُكْوَى بِهَا جَنْبُهُ وَجَبِينُهُ وَظَهْرُهُ، كُلَّمَا بَرَدَتْ أُعِيدَتْ لَهُ، فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ، حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ الْعِبَادِ)(1)، فوجبت الزكاة في كل ذهب بهذه النصوص، ولا تخصيص الا بنص، فلا يستثنى الحلي المباح من هذا العموم الا بدليل،
وعن أمِّ سلمةَ رضي الله عنها زَوْجِ النَّبِيِّ ﷺ قالت: كُنْتُ أَلْبَسُ أَوْضَاحًا مِنْ ذَهَبٍ، فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هُوَ؟ فَقَالَ : ( مَا بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ، فَلَيْسَ بِكَنْزٍ)(2) ، وعن السيدة عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْها قَالَتْ : دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَرَأَى فِي يَدَيَّ فَتَخَاتٍ مِنْ وَرِقٍ، فَقَالَ : مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟ فَقُلْتُ : صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ؟ قُلْتُ: لا، قَالَ: هُوَ حَسْبُكِ مِنْ النَّارِ(3) ، وأَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ وَمَعَهَا ابْنَةٌ لَهَا، وَفِي يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ مِنْ ذَهَبٍ، فَقَالَ لَهَا : أَتُعْطِينَ زَكَاةَ هَذَا ؟ قَالَتْ : لا، قَالَ : أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ اللَّهُ بِهِمَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ مِنْ نَارٍ ؟ قَالَ : فَخَلَعَتْهُمَا، فَأَلْقَتْهُمَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَقَالَتْ : "هُمَا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ"(4) ، فهذه أدلة تنهض بمجموعها لإبقاء الحلي ضمن أصل وجوب الزكاة في الذهب إذا بلغ نصابا، ولأنه مال نامٍ بنفسه لا يتأثر باستعماله،
وأخيرا فإن الخلاف في المسألة قوي، ولذلك يرى بعض الفقهاء وجوب الزكاة فيها ولو لمرة واحدة، ولذا نرى أن القول بإخراج الزكاة عن الحلي إذا بلغت نصابا، وفيه خروج من الخلاف، وأخذ بالاحتياط، ولاسيما في باب العبادات، ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه. والله اعلم.
(1)أخرجه مسلم.
(2)أخرجه أبو داود وهو حديث حسن.
(3) أخرجه أبو داود وصححه ابن حجر، والألباني.
(4) أخرجه أبو داود والنسائي وصححه بعض أهل العلم وحسنه النووي والالباني
- الموضوع الفقهي
- أحكام الزكاة
- عدد القراء
- 199