: الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فقد اختلف الفقهاء في حكم إعطاء الأصول الوالدين وإن علوا، والفروع الولد وإن سفل من اموال الزكاة على قولين:

القول الأول: عدم جواز إعطاء الزكاة للأصول والفروع مطلقا، سواء كانوا ممن تجب نفقتهم أم لا تجب، وهو قول الحنفية والحنابلة.

القول الثاني: يجوز إعطاؤها لمن لا تلزمه نفقته، ولا يجوز ذلك لمن تلزمه النفقة، وقيدوا منع العطاء بسهم الفقراء والمساكين فقط، أما لو أعطى والده أو ولده من سهم العاملين عليها أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة في سبيل الله فلا بأس. وهو قول المالكية - وروى عن مالك أنه أجاز الدفع إلى الجد والجدة وبني البنين لسقوط نفقتهم عنده- والشافعية وبعض الحنابلة وهو: اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية.

المفتى به: هو ما ذهب اليه اصحاب القول الثاني؛ من جواز اعطاء الزكاة لمن لا تلزمه نفقته من الاصول والفروع،ولا يجوز ذلك لمن تلزمه نفقته، وتقييد منع العطاء بسهم الفقراء والمساكين فقط، أما لو أعطى والده أو ولده من سهم العاملين عليها أو المكاتبين أو الغارمين أو الغزاة في سبيل الله فلا بأس. وعليه يجوز لك اخي السائل إعطاء الزكاة لابنتك المتزوجة من فقير، لأن نفقة البنت بعد زواجها واجبة على الزوج لا على أبيها، وقد اتفق العلماء على أن الوالد تجب عليه نفقة أولاده الصغار الذين لا مال لهم حتى يبلغوا الحلم، وكذلك على أبنائه العجزة من الذكور والإناث حتى يستغنوا كبارا كانوا أو صغارا، واتفقوا على أن الوالد لا تلزمه نفقة ابنه الذكر إذا بلغ الحلم وكان قادرا على التكسب فالعلة في منع الجواز هي لزوم النفقة، وهي هنا غير متحققة، وذلك لان الاجماع الذي ذكره ابن المنذر قائم على هذه العلة، وليس على علة الولادة والقرابة المباشرة، والحكم يدور مع العلة وجودا وعدما، فاذا انعدمت العلة وهي لزوم النفقة انتقل الحكم الى الجواز، وهو الاصل لدخولهم في عموم الاصناف الثمانية المذكورين في الآية، الا اذا جاء دليل التخصيص ولا دليل هنا بمنع دفع الزكاة للأصول والفروع من الفقراء والمساكين. وهذا الرأي كذلك ينسجم مع روح تشريع الزكاة في الاسلام ويحقق مقاصد الشريعة الاسلامية من تحقق الرحمة والمودة والالفة والترابط الاجتماعي والاسري وصلة الارحام وتحقيق التكافل الاجتماعي، لأن الصدقة على القريب صدقة وصلة. والله تعالى اعلم.