الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:

فقد ذهب أكثر أهل العلم وهم الجمهور إلى عدم جواز شراء حاجيات وسلع من مصارف الزكاة وإعطائها للفقير، والأصل أن يعطي المال للفقير من عين المال الذي وجبت فيه الزكاة؛ ولأنه مال وجب في ذمة المزكي؛ لان اللام في قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ﴾ إلى قوله: ﴿وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاِبْنِ السَّبِيلِ﴾ (التوبة 60)، هي لام التمليك، فلو أن رجلاً على سبيل المثال له في ذمتك مالاً فلا يحق لك أن تشتري له مواد غذائية بقيمة المال وتدفعها له.

فالزكاة حق للفقير ومن يستحقها، وحقه أن نعطيه مالاً يتصرف به وفقاً لحاجته ومصلحته، لذلك كان الأصل عدم التصرف بأموال الفقير إلا إن كان هذا الفقير سفيهاً أو ضعيف العقل أو قاصرا وحكم القاضي بسفهه، فإن عُلِمَ أنَّ هذا الفقير سفيه وليس لديه وليّ يمكن إعطاؤه المال بدلاً منه وخشي المزكّي إن هو أعطاه المال أن ينفقه في غير مصرفه وبشكل عشوائي يضره، عندها يمكن للمزكّي أن ينوب عن وليّه فيعطيه ما يظن أنّه قد يفيده أكثر من المال، وهذا قول الجمهور، وأفتى بعض الحنفية بالجواز ولكن الأصل عندهم عدمه، حيث الأجر في إعطاء المال أكبر؛ ولأن الزكاة يجب فيها تمليك المال.

وأما أموال الزكاة التي تدفع للنازحين والمهجرين فالأفضل ان يُخبروا بها ويُؤخذ منهم توكيلا بشراء الأشياء والسلع التي يحتاجونها والتي لا يمكن لهم الحصول عليها من المخيم.

قال الشيخ العلامة محمد صالح ابن عثيمين-رحمه الله تعالى- في مجموع فتاويه بعد أن سئل عن ذلك: (ولكن هناك طريقة: إذا خفت لو أعطيت الزكاة لأهل هذا البيت صرفوها في غير الحاجات الضرورية، فقل لرب البيت، سواء كان الأب أو الأم أو الأخ أو العم، قل له: عندي زكاة [لكم]، فما هي الأشياء التي تحتاجونها لأشتريها لكم وأرسلها لكم ؟ فإذا سلك هذه الطريقة، كان هذا جائزاً، وكانت الزكاة واقعة موقعها).

والله تعالى أعلم.