هذا من استخفاف الناس بدينهم، وتجاهلهم لأحكام الشرع، والعياذ بالله؛ وإلا فمسألة العدة بعد الطلاق من المعلوم من الدين بالضرورة التي وردت في القرآن. ويُخشى على من فعل هذا منكِراً لحكمِ العدةِ الكفرَ . أما من فعله مقراً بالتحريم، مغلِّباً لشهوتِه، فهي من كبريات المعاصي. فقد جاء في سورة الطلاق : (( يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ )) . ثم بين أنَّ هذا من حدود الله، فقال: (( وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْراً )) . وحكم هذه المعصية من الناحية الشرعية كما مبين أدناه:

1. أجمعت الأمة على: أن مجرد الكلام مع المعتدة بما هو نص في تزويجها، وتنبيهه عليه غير جائز . والعقد عليها محرم من باب أولى. قال الكاساني الحنفي: " لا يَجُوزُ لِلأَجْنَبِيِّ نِكَاحُ الْمُعْتَدَّةِ؛ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: (( وَلا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حتى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ )). قِيلَ: أَيْ لا تَعْزِمُوا على عُقْدَةِ النِّكَاحِ. وَقِيلَ: أَيْ لا تَعْقِدُوا عَقْدَ النِّكَاحِ حتى يَنْقَضِيَ ما كَتَبَ اللَّهُ عليها من الْعِدَّةِ؛ وَلأَنَّ النِّكَاحَ بَعْدَ الطَّلاقِ الرَّجْعِيِّ قَائِمٌ من كل وَجْهٍ، وَبَعْدَ الثَّلاثِ وَالْبَائِنِ قَائِمٌ من وَجْهٍ حَالَ قِيَامِ الْعِدَّةِ لِقِيَامِ بَعْضِ الآثار" .

2. إن تزوجت المعتدة ودخل بها، فالنكاح باطل؛ لأنها ممنوعة من النكاح لحق الزوج الأول، وهي ليست محلاً لأن تخطب أو تتزوج. وهو زانٍ إن كان يعلم الحكم، ونكاحه نكاح شبهة إن كان جاهلاً به. ويجب أن يفرق بينه وبينها، وتحرم عليه حتى تنتهي العدة، ثم يعقد عليها عقداً جديداً، ولا يتأبد تحريمها عليه. على قول: الحنفية، والشافعي في الجديد، والرواية المعتمدة عن الإمام أحمد في المذهب .

3. إن طلَّقها من هذا العقد الباطل فلا طلاق له عليها؛ لأنها ليست محلاً لأن تطلَّق منه، فهو كما لو طلَّق أجنبية منه.