- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- المجمع الفقهي
- عنوان الفتوى
- اتجاه القبلة لرائد الفضاء
- السؤال
- : في أي اتجاه يتوجه رائد الفضاء لإدراك القبلة إذا أراد أن يصلي علماً أن المحطة قد تدور حول الأرض بساعتين وقد كان من بعض الرواد مسلمين؟
- الجواب
-
بسم الله والخمد لله والصلاة والسلام على رسو الله وعلى آله وصحبه وسلم.
إن استقبال القبلة في الصلاة واجب لا شك فيه ولا يجوز تركه وإهماله وبعض الفقهاء يجعله شرطاً وآخرون لا يجعلونه شرطاً لعدم وجود أي دليل على الشرطية لاستقبال القبلة بمعنى أن استقبال القبلة ليس شرطاً لصحة الصلاة أو قبولها وإنما واجب فقط، فمن صلى إلى غير القبلة عمداً دون عذر أثم ولكن صلاته مجزئة ذلك أن كل ما ورد بخصوص الاستقبال لا يتعدى الأمر والطلب الجازم ومجرد الأمر الجازم لا يفيد الشرطية(1).
قال الله تعالى: ﴿ وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنْتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ ﴾(2).
والتوجه واجب عند القدرة عليه وإن كانت الكعبة بحيث لا يراها فيلزم التوجه نحوها وتلقاءها بالدلائل وهي الشمس والقمر والنجوم والريح وكل ما يمكن معرفة جهتها به من الآلات والأجهزة الحديثة وإن عجز عن استقبال القبلة ولم يقدر على التوجه إليها وقد ذكر الفقهاء أمثلة عليها: مثل الخائف والمربوط أو المصلوب لغير القبلة وإذا كان موثقاً لا يقدر عليه والملاح في سفينة (أي قائدها) يشق ذلك عليه ومن الصور المعاصرة رواد الفضاء الذين يشق عليهم التوجه بسبب وضعهم في السفينة أو سرعة حركتها حول الأرض أو في الفضاء الخارجي فهؤلاء يصلون بحسب استطاعتهم وإلى أي جهة يقدرون عليها لأن التوجه يسقط عنهم للعجز بإجماع أهل العلم لقوله الله تعالى: ﴿ وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ١١٥ ﴾(3).
وقوله:﴿ فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا فَإِذَا أَمِنْتُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَمَا عَلَّمَكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ﴾(4)، روى البخاري عن ابن عمر رضي الله عنهما في تفسير هذه الآية: «فَإِنْ كَانَ خَوْفٌ هُوَ أَشَدَّ مِنْ ذَلِكَ، صَلَّوْا رِجَالًا قِيَامًا عَلَى أَقْدَامِهِمْ أَوْ رُكْبَانًا، مُسْتَقْبِلِي القِبْلَةِ أَوْ غَيْرَ مُسْتَقْبِلِيهَا» قَالَ مَالِكٌ: قَالَ نَافِعٌ: لاَ أُرَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ ذَكَرَ ذَلِكَ إِلَّا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم(5) ومنه قال الفقهاء: ومن كان خائفاً يصلي إلى أي جهة قدر وقيد المالكية والحنفية شرط الاستقبال بحالة الأمن من عدو وسبع وبحالة القدرة، وعند بعضهم يسقط عنه التوجه إلى القبلة إذا لم يمكنه ولا إعادة عليه إذا قدر.
فالحاصل أن الطاعة بحسب الطاقة، فإن كان رائد الفضاء بحال يستطيع فيه الصلاة وهو في مركبته، وله القدرة على التوجه ولو في أول صلاته، فإن كان في المجال الأرضي فيتوجه إلى جهة الكعبة أو مكة, وإن كان في الفضاء خارج الأرض, وهو قادر على رؤيتها أو تحديد جهتها ولو بغالب الظن, فقبلته كوكب الأرض, فإن كان فضاء أوسع وأبعد فيتوجه إلى المجموعة الشمسية لأن الأرض جزء منها، وإن تعذر عليه كل ذلك توجه حيثما يراه مناسباً. بقي أن نذكر قولاً للإمام أبي حنيفة وبعض أصحابه، أنهم يرون أن استقبال القبلة شرط من شروط الصحة في الصلاة كالطهارة من الحدث(6)، فأسقط الفرض حال العجز عن هذا الشرط، كفاقد الطهورين، فلا يصلي ويقضي، كما بيناه في مسألة فاقد الطهورين، والله تعالى أعلم.
(1) الفصول في الاصول 2/237، والبرهان 1/86، والمستصفى 73، والمحصول 2/189، وروضة الناظر 1/46، والإحكام للامدي 1/112
(2) البقرة: 150.
(3)البقرة: 115.
(4) البقرة: 239.
(5) أخرجه البخاري: 4535
(6) بدائع الصنائع للكاساني، 1/ 117
- الموضوع الفقهي
- حكم الصلاة في الفضاء
- عدد القراء
- 221