- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- قضاء الصلاة وصفته
- السؤال
- ما حكم قضاء الصلاة وما هي صفته؟
- الجواب
-
يجب على كل مكلف خلا من الموانع(١) أن يقضي ما فاته من الصلاة المفروضة، سواء كان فواتها بنوم أو غفلة أو انشغال آخر، لقوله ﷺ: «من نسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك»(٢).
وإنما خص الناسي في الحديث تحسيناً للظن بالمسلم فإن له من العقل والدين ما يمنعه من تفويتها عمداً، وقال بعض الأئمة إن التارك للصلاة عمداً بدون نسيان داخل ومشمول بالحديث لأن النسيان يطلق على الترك مطلقاً، ومنه قوله تعالى: ﴿نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ﴾(٣) و ﴿نَسُوا اللَّهَ فَأَنسَاهُمْ أَنفُسَهُمْ ۚ ﴾(٤).
والحق أن المسلم مطالب بقضاء الفوائت مطلقاً بدليل الحديث: «لا كفارة لها إلا ذلك» أي فليصلها، وينبغي أن يقدم الصلاة الفائتة على صاحبة الوقت الحاضر إلا لضيق وقت الفرض الحاضر. ويؤذن للفائتة ويقيم، وكأنها في وقتها الأول، لما صح في مسلم من حديث أبي قتادة رضي الله تعالى عنه لما ناموا عن الصبح: «... ثم أذن بلال فصلى رسول الله ﷺ ركعتين (سنة الفجر) ثم صلى الغداة- فرض الصبح وقت الضحى قضاء فصنع كما كان يصنع كل يوم...» أي عندما كان يؤدي صلاة الفجر في وقتها.
وقال بعض الأئمة إذا كان قضاء الفائت جماعياً كما في الحديث يؤذن ويقيم، وأما إذا كان القضاء انفرادياً(٥) يقيم فقط بدون أذان، وبناء على القولين: لو اجتمعت عليه أوقات كثيرة: فعلى القول الأول: يؤذن للأولى فقط ويقيم لكل فريضة وعلى القول الثاني يقيم فقط لكل فريضة ولا يؤذن مطلقاً، ومن فاتته الصلاة الرباعية في السفر قضاها في الحضر ركعتين(٦) أي يقضي الظهر أو العصر أو العشاء ركعتين ومن فاتته الصلاة الرباعية في الحضر قضاها في السفر أربعاً كما وجبت أول الأمر.
أما متى يقضيها وكيف:
أ. فللمسلم أن يوقع قضاء ما عليه من الصلاة في أي وقت عدا أوقات الكراهة وهي عند طلوع الشمس حتى ترتفع وعند الاستواء حتى تزول وعند الغروب حتى يتكامل غروبها، للنهي عن الصلاة في هذه الأوقات إلا فرض هذه الأوقات، وخروجاً من الخلاف.
ب. وله أيضاً أن يقدم الصلاة الفائتة على صاحبة الوقت إلا إذا ضاق وقت الحاضرة أو أقيمت صلاة الجماعة لها، وكذا له أن يؤخر الفائتة فيصليها بعد الفرض الحاضر في الظهر والمغرب والعشاء مطلقاً وكذا في الفجر والعصر ما لم يجعلها في الوقت المكروه والمتقدم ..
ج. ولابد للقضاء من نية تعين العمل المقصود، ومن عليه فوائت كثيرة لا يستطيع تعيين الأيام إنما يستطيع نية أول فرض عليه أو فاته، فيقصد قبيل التحريم صلاة فرض أول عصر فاته مثلاً... أو أول صبح عليه أو ظهر وهكذا.
د. ويبادر بقضاء الفوائت إسراعاً ببراءة الذمة، ودين الله أحق بالوفاء. ومن استطاع أن يقضي في كل يوم فرائض يومين بدون أن تتأثر واجباته الأخرى عليه أن يفعل ذلك وهكذا رغم أن حقوق الله تعالى مبنية على المسامحة لغناه تعالى إلا أنه يغار على فرائضه أن تضيع، ودين فرض تقدم أو الكلام حديث: «لا كفارة لها إلا ذلك»، أي فليصلها.
ويجب على المسلم أيضاً أن يأمر الولد- ذكراً كان أو أنثى- بقضاء ما فاته من الصلاة كما وجب عليه أن يأمره بها لوقتها، لقوله ﷺ: «مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين واضربوهم عليها وهم أبناء عشرة سنين وفرقوا بينهم في المضاجع»(٧).
والوجوب متوجه إلى الولي- أباً كان أو أماً أو وصياً أو مربياً- لأنه مكلف بواجب التربية والدعوة إلى الخير، أما الصبي فلا يخاطب شرعاً بل يؤمر فينفذ ليتمرَّن على الطاعات فيألفها إذا كبر وقد حببت إليه.
اللهم حبب لنا الإيمان وزينه في قلوبنا وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان.
(١)المراد خلوه من مانع يمنع صحة العبادة كالحيض والنفاس، فالحيض مانع من الصلاة والصوم وقراءة القرآن، ويحرم مزاولة هذه العبادات مع وجوده، فإذا زال المانع صح الممنوع، إلا أن الإسلام رخص فيما يشق لكثرته فلم يطالب به كالصلاة وأمر بقضاء ما لا يعتبر متكاثراً كالصوم، وفي صحيح مسلم من حديث عائشة: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة، وفي بعض الروايات: لأنها تكثر فتشقّ علينا. .
(٢) رواه الشيخان من حديث أنس بن مالك واللفظ للبخاري.
(٣)سورة التوبة: 67.
(٤) سورة الحشر: 19.
(٥)المراد هنا- في القضاء الفردي- أن يؤذن لنفسه إقامة للشعائر التي فاتت هذا المصلي، لا للإعلان عن الصلاة، فإن الإعلان عنها قد حصل ساعة كان مشغولاً بغيرها، يعني لا يؤذن فيوهم الناس دخول وقت صلاة جديدة فيحصل التشويش.
(٦)الأظهر عند الشافعية أن فائتة السفر تقضى بركعتين إذا كان القضاء في السفر أيضاً، أما في الحضر فالأظهر أن يصليها أربعاً لزوال سبب التخفيف، والله أعلم.
(٧)رواه أبو داود من حديث عمرو بن شعيب.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 166