جاءني من منطقة موصل الجديدة المنكوبة في الساحل الأيمن أن جثثاً تحت الانقاض منذ أكثر من شهر.. الدفاع المدني ينتشلهم ..هل يُغسلون هذه الجثث؟ قد تتفسخ عند الغسل لطول المدة وبعض الجثث محروقة؟ أرجو الاجابة على وجه السرعة .. حفظكم الله تعالى ..
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم غسل الجثة المتفسخة أو المحروقة
- السؤال
- جاءني من منطقة موصل الجديدة المنكوبة في الساحل الأيمن أن جثثاً تحت الانقاض منذ أكثر من شهر.. الدفاع المدني ينتشلهم ..هل يُغسلون هذه الجثث؟ قد تتفسخ عند الغسل لطول المدة وبعض الجثث محروقة؟ أرجو الاجابة على وجه السرعة .. حفظكم الله تعالى ..
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فقد اتفق أهل العلم على وجوب تغسيل الميت المسلم وتكفينه، وأنه واجب وجوباً كفائياً، بحيث إذا قام به البعض سقط الإثم عن الباقين، لحصول المقصود بالبعض، لما جاء في حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- به في حديث المحرم الذي وقصته ناقته، وفيه قوله ﷺ: ((اغسلوه بماء وسدر)) متفق عليه، وقوله ﷺ في حديث أم عطية -رضي الله عنها- في ابنته زينب رضي الله عنها: ((اغسلنها ثلاثاً، أو خمساً، أو سبعاً، أو أكثر من ذلك...)) متفق عليه.
والواجب في حق الميت الغسل بالماء إذا لم يتعذر ذلك، وأما إذا كان محروقا أو متفسخا، فيصب الماء عليه صبا دون دلك، وإن خيف إن غُسّل تفسخ الجسد او تقّطع او انسلخ، فيصار إلى التيمم إن امكن ذلك، وهذا مذهب جمهور الفقهاء.
فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: (ذهب الفقهاء إلى أن من احترق بالنار يغسل كغيره من الموتى إن أمكن تغسيله؛ لأن الذي لا يغسل إنما هو شهيد المعركة ولو كان محترقا بفعل من أفعالها، أما المحترق خارج المعركة فهو من شهداء الآخرة، ولا تجري عليه أحكام شهداء المعركة ،فإن خيف تقطعه بالغسل يصب عليه الماء صبا ولا يمس، فإن خيف تقطعه بصب الماء لم يغسل وييمم إن أمكن، كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل بعضه دون بعض غسل ما أمكن غسله وييمم الباقي كالحي سواء).
قال الامام الدسوقي المالكي -رحمه الله تعالى- في حاشيته على الشرح الكبير[1/410]: (وكخوف تقطيع الجسد، أي انفصال بعضه من بعض، وتزليعه أي تسلخه، فيحرم تغسيله وييمم في الحالتين لمرفقيه، وصب على مجروح أمكن الصب عليه من غير خشية تقطع أو تزلع ماء من غير ذلك كمجدور ونحوه، فيصب الماء عليه إن لم يخف تزلعه أو تقطعه راجع للمجروح والمجدور ولا حاجة له للاستغناء عنه بقوله أمكن، فإن لم يمكن بأن خيف ما ذكر يُمم).
قال الامام النووي - رحمه الله تعالى- في المجموع [5/178]: (إذا تعذر غسل الميت لفقد الماء أو احترق بحيث لو غسل لتهرى لم يغسل بل ييمم وهذا التيمم واجب؛ لأنه تطهير لا يتعلق بإزالة نجاسة فوجب الانتقال فيه عند العجز عن الماء الي التيمم كغسل الجنبة... وحكى ابن المنذر فيمن يخاف من غسله تهري لحمه ولم يقدروا على غسله عن الثوري ومالك يصب عليه الماء وعند أحمد واسحق ييمم قال: وبه أقوال).
وقال الإمام ابن قدامة المقدسي -رحمه الله تعالى في المغني [2/405]: (والمجدور، والمحترق، والغريق، إذا أمكن غسله غسل، وإن خيف تقطعه بالغسل صب عليه الماء صبا، ولم يمس، فإن خيف تقطعه بالماء لم يغسل، وييمم إن أمكن، كالحي الذي يؤذيه الماء، وإن تعذر غسل الميت لعدم الماء ييمم، وإن تعذر غسل بعضه دون بعض، غسل ما أمكن غسله، وييمم الباقي، كالحي سواء).
والمفتى به:
هو ما ذهب إليه جمهور العلماء من وجوب تغسيل الميت بالماء إن لم يتعذر ذلك، وأما في حال كانت الجثة محروقة أو متفسخة، فيصب الماء عندئذٍ عليها صبا دون دلك، وإن خيف إن غُسّلت تفسخ الجسد او تقّطع او انسلخ، فيصار إلى التيمم إن امكن ذلك، والا كُفن ويصلى عليه ويدفن .
وأما المرأة إذا لم يوجد من يغسلها من النساء والرجال المحارم، فقول الجمهور من أهل العلم: تُيَمّم ولا تغسل وهو المفتى به.
وقيل يجب تغسيلها من فوق ثوب ويلف الغاسل يده بخرقة ونحوها ويغض طرفه ما أمكن. والله تعالى اعلم ونسأل الله تعالى أن يحفظ أهلنا في نينوى العلم والتأريخ بساحليها الأيسر والأيمن من كل سوء، وأن يرحم شهدائهم وموتاهم ويشافي جرحاهم ويعافي مبتلاهم، وأن ينتقم لهم ممن ظلمهم وانتهك حرماتهم وأزهق أرواحهم وهدم بيوتهم وشردهم، وأهرق دمهم وأجرى دمعهم .
وهو تعالى المستعان ولا حول ولا قوة الا بالله العلي العظيم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 208