هل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر والوحل؟ وإذا جمع بينهما هل يؤذن لصلاة العشاء في وقتها؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الجمع بين الصلاتين بسبب المطر والوحل
- السؤال
- هل يجوز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر والوحل؟ وإذا جمع بينهما هل يؤذن لصلاة العشاء في وقتها؟
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فقد ذهب جمهور العلماء - إلا الحنفية - إلى جواز الجمع بين المغرب والعشاء بسبب المطر المبَلِل للثياب، والثلج والبرد والوحل، وأجاز الشافعية كذلك الجمع بين الظهر والعصر بسبب المطر، لما روى الإمام البخاري في صحيحه عن عبدالله بن عباس -رضي الله تعالى عنهما-: ((أن النبي ﷺ صلى بالمدينة سبعاً وثمانياً الظهر والعصر والمغرب والعشاء))، قال أيوب السختياني: لعله في ليلة مطيرة. وقال الإمام مالك: أرى ذلك كان في مطر.
فدل الحديث بوضوح على أن الجمع في المطر رخصة، وقد وردت آثار كثيرة لا مجال لذكرها عن الصحابة الكرام - رضي الله تعالى عنهم- في جواز الجمع بين الصلاتين بعذر المطر وهي كالبيان للحديث المذكور.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله تعالى- في مجموع الفتاوى [24/83]: (فهذه الآثار تدل على أن الجمع للمطر من الأمر القديم المعمول به بالمدينة زمن الصحابة والتابعين، مع أنه لم ينقل أن أحدًا من الصحابة والتابعين أنكر ذلك فعلم أنه منقول عندهم بالتواتر جواز ذلك).
فالجمع بين الصلاتين لأجل المطر من الرخص التي وسع الله بها على عباده ورفع عنهم الحرج، وهي مذهب الجماهير من السلف والخلف، دفعاً للحرج والمشقة ،قال الله تعالى: ﴿وما جعل عليكم في الدين من حرج ﴾ [الحج: 87]، وقال: ﴿ لا يكلف الله نفساً إلا وسعها﴾ [البقرة: 286] ،ولاسيما في المناطق القروية والطرق غير المعبدة والتي يَشُق على الناس المشي فيها لِمَا فيها من المطر والطين والزلق، وإن لم يجمع هؤلاء في المسجد فَلَهم العُذر أن يصلوا في بيوتهم ،وأما المناطق المدنية التي عُبّدت طرقها وسوّيت فإذا لم يشق على الناس الذهاب والإياب فيها إلى المسجد، فالأولى أن لا يُجمع بين الصلاتين وتُصلي كل فريضة لوقتها ،وإن وجدوا مشقة وحرج جمعوا؛ لأنها رخصة، ويشترط جواز الجمع في المطر أن يكون العذر -وهو المطر- موجودا حال استباحة الرخصة؛ لأن الجمع مع عدم نزول المطر جمع بغير عذر، ولذلك اشترط كثير من الفقهاء وجود المطر عند افتتاح الأولى؛ لأنه وقت النية، وعند افتتاح الثانية؛ لأنه وقت استباحة الرخصة.
وذهب الشافعية أيضا إلى جواز الجمع بين العصر وصلاة الجمعة بعذر المطر، تقديما، وقالوا: إما أن يقال بأن الجمعة بدل عن الظهر، والبدل يأخذ حكم المبدل منه، وإما أن يقال بالقياس على الجمع بين الظهر والعصر؛ لأن وقت صلاة الجمعة هو وقت صلاة الظهر نفسه.
قال الإمام النووي في المجموع [4/338]: (فرع: يجوز الجمع بين الجمعة والعصر في المطر).
وقال الخطيب الشربيني في مغني المحتاج [1/534]: (يجمع العصر مع الجمعة في المطر وإن لم يكن موجودا -أي المطر- حال الخطبة؛ لأنها ليست من الصلاة).
وهل يؤذن لصلاة العشاء في وقتها إذا جمع بين المغرب والعشاء لهذه الأسباب المذكورة؟ فقد ذهب بعض أهل العلم أنه لا يؤذن للصلاة الثانية في وقتها إذا جُمعت مع الأولى بسبب، لِمَا ثبت في صحيح مسلم أنه ﷺ: ((أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين))، وفعل كذلك في الجمع بين الظهر والعصر بعرفة كما في مسلم أيضا، ولم يُنقل أنه أذن للصلاة الثانية.
وذهب المالكية على أنه يؤذن للعشاء في ليلة الجمع داخل المسجد بصوت منخفض ندبا عندما يجمع العشائين لعذر، ثم يؤذن بعد دخول وقت العشاء بصوت مرتفع استنانا ليعلم أهل البيوت بدخول وقت العشاء.
وعليه نرى أنه لا بأس أن يؤذن لصلاة العشاء لإعلام الناس في بيوتهم بدخول وقت العشاء.
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 186