الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اجمع الفقهاء على جواز تكرار الجماعة في المسجد الذي صلى فيه الجماعة من قبل إذا كان في مسجد السوق أو على طريق المسافرين، أو مسجد ليس له إمام راتب معين من الدولة، وكذلك المساجد الثلاثة التي تشد الرحال اليها بنص الحديث الصحيح: المسجد الحرام والمسجد النبوي والمسجد الأقصى، لان تكرار أداء الجماعة لا يؤدي إلى تقليل عدد الجماعة فيها.

واختلفوا في حكم تكرار الصلاة جماعة في المسجد الذي فيه إمام راتب بعد انتهاء صلاته جماعة، على قولين:

القول الأول: تكره الصلاة جماعة والذين يأتون بعد صلاة الإمام الراتب يُصلون فرادى، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين، وبه قال الأئمة الثلاثة أبو حنيفة ومالك والشافعي.

القول الثاني: لا يُكره تكرار الجماعة بعد انتهاء صلاة الجماعة في المسجد، وبه قال جماعة من الصحابة والتابعين، وهو مذهب الامام أحمد وابن حزم الظاهري .

والمفتى به:

هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من جواز تكرار الجماعة في المسجد الذي فيه إمام راتب؛ لأن أدلتهم أصح وأشد صراحة في الدلالة وحتى لا تفوتهم أجر صلاة الجماعة، ولكن بشروط لابد من توفرها وهي كالآتي:

أولا: الموافقة المسبقة من الإمام الراتب؛ لأنه صاحب السلطان في المسجد، وهذه حاصلة الآن فهم لايمانعون من ذلك.

وثانيا: أن لا تكون الجماعة الثانية مدعاة للكسل والتقاعس عن التبكير للمسجد.

وثالثا:أ ن لا يكون هناك اتفاق من المصلين للتخلف عن الإمام الراتب فتتخذ ذريعة لإحداث الفتنة والفرقة والاختلاف وتقوية أهل الأهواء الزائغة والفرق المبتدعة، فيؤدي صلاتها جماعة إلى مفسدة كبيرة، فإنها حينئذ تُترك ويُنهى عنها لأجل مصلحة اتحاد الكلمة ووحدة الصف، وتأليف القلوب الواجب شرعاً.

والله تعالى أعلم.