اُحضرت جنازة في المسجد فصُليَ عليها بعد صلاة العشاء، وفي الصباح ارادت جماعة اخرى أن تصلي عليها، فهل من حرج في تكرارها؟ وهل يعيد الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها؟
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- تكرار صلاة الجنازة واعادتها
- السؤال
- اُحضرت جنازة في المسجد فصُليَ عليها بعد صلاة العشاء، وفي الصباح ارادت جماعة اخرى أن تصلي عليها، فهل من حرج في تكرارها؟ وهل يعيد الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها؟
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسوله الامين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم على جواز تكرار الصلاة على الجنازة التي صُليَ عليها، واحتجوا على جواز الاعادة بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: ((أَنَّ أَسْوَدَ رَجُلًا - أَوِ امْرَأَةً - كَانَ يَكُونُ فِي المَسْجِدِ يَقُمُّ المَسْجِدَ، فَمَاتَ وَلَمْ يَعْلَمُ النَّبِيُّ ﷺ بِمَوْتِهِ، فَذَكَرَهُ ذَاتَ يَوْمٍ فَقَالَ: «مَا فَعَلَ ذَلِكَ الإِنْسَانُ؟» قَالُوا: مَاتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» فَقَالُوا: إِنَّهُ كَانَ كَذَا وَكَذَا - قِصَّتُهُ - قَالَ: فَحَقَرُوا شَأْنَهُ، قَالَ: «فَدُلُّونِي عَلَى قَبْرِهِ» فَأَتَى قَبْرَهُ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) متفق عليه، وبحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: ((أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، مَرَّ بِقَبْرٍ قَدْ دُفِنَ لَيْلًا، فَقَالَ: «مَتَى دُفِنَ هَذَا؟» قَالُوا: البَارِحَةَ، قَالَ: «أَفَلاَ آذَنْتُمُونِي؟» قَالُوا: دَفَنَّاهُ فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ فَكَرِهْنَا أَنْ نُوقِظَكَ، فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ )) رواه البخاري. وفي الحديثين دلالة واضحة على جواز تكرار صلاة الجنازة؛ وذلك لأنّ الأصل أنّ المسلم لا يدفن إلا بعد أن يصلى عليه، فيكون الغالب أنّ القبر الذي صلى عليه النبي ﷺ لم يدفن إلا وقد صلي عليه.
واما إعادة الصلاة على الجنازة لمن صلى عليها ؛ فقد ذهب جمهور أهل العلم على عدم جواز الإعادة، وهو المشهور عند الحنابلة والمعتمد عند الشافعي، واما المالكية: فاجازوا الإعادة بما إذا كانت الصلاة الأولى صلاها فذاً أي مفردا والثانية جماعة، وأما الحنفية: فلم يروا مشروعية الإعادة مطلقا إلا في حالة واحدة؛ وهي فيما لو صلى جماعة على الميت بغير إذن وليه ثم حضر الولي فله إعادة الصلاة .
قال الكاساني في بدائع الصنائع [1/311]: (ولا يصلى على ميت إلا مرة واحدة، لا جماعة ولا وحدانا عندنا، إلا أن يكون الذين صلوا عليها أجانب بغير أمر الأولياء، ثم حضر الولي فحينئذ له أن يعيدها).
وذهب بعض الفقهاء إلى جواز الإعادة لمن صلى عليها، وإليه ذهب الظاهرية ،وهو الوجه الثاني عند الشافعية، ورواية عند الحنابلة وهو اختيار شيخ الاسلام ابن تيمية؛ لأن في حديث ابن عباس :(فَقَامَ، فَصَفَفْنَا خَلْفَهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) فالنبي عليه الصلاة والسلام لم يسألهم عمن صلى سابقا.
قال شيخ الاسلام ابن تيمية في الفتاوى [23/387] :(وأما اذا صلى هو على الجنازة، ثم صلى عليها غيره: فهل له أن يعيدها مع الطائفة الثانية ؟
فيه وجهان في مذهب أحمد، قيل: لا يعيدها، قالوا: لأن الثانية نفل، وصلاة الجنازة لا يتنفل بها، وقيل: بل يعيدها، وهو الصحيح، فان النبي ﷺ لما صلى على قبر منبود[ مهجور أو بعيد] صلى معه من كان صلى عليها أولا، وإعادة صلاة الجنازة من جنس إعادة الفريضة، فتشرع حيث شرعها الله ورسوله ﷺ، وعلى هذا: فهل يؤم على الجنازة مرتين ؟ على روايتين، والصحيح أن له ذلك، والله اعلم).
وهو قول متجه لا باس بالعمل به لمن يرى الجواز.
والمفتى به:
هو ما ذهب اليه اصحاب القول الثاني من جواز الاعادة لمن صلى عليها، وذلك النبي ﷺ لما صلى على قبر مهجور صلى معه من كان صلى عليها اولاً، ولم يسألهم عمن صلى سابقا.
وقول ابن عباس - رضي الله عنهما-: (وَأَنَا فِيهِمْ فَصَلَّى عَلَيْهِ) يدل على الجواز؛ لأنه قد أعاد الصلاة معهم.
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 187