مسجدنا ليس فيه امام راتب، وفي الصلوات يؤمنا رجل متقن لكنه يقرأ في المصحف، فحدث بسببه خلاف بين المصَّلين، فما حكم القراءة في المصحف في الصلاة ؟ افتونا ماجورين.
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم القراءة في المصحف في الصلاة
- السؤال
- مسجدنا ليس فيه امام راتب، وفي الصلوات يؤمنا رجل متقن لكنه يقرأ في المصحف، فحدث بسببه خلاف بين المصَّلين، فما حكم القراءة في المصحف في الصلاة ؟ افتونا ماجورين.
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد اختلف الفقهاء في حكم القراءة في المصحف في الصلاة على أربعة اقوال :
القول الاول: لا يكره أن يقرأ من المصحف في صلاة النافلة وكذا المكتوبة، ولا فرق في ذلك بين حافظ وغيره، وامام ومنفرد.
القول الثاني: كراهة القراءة في المصحف في صلاة الفرض مطلقا، ولا يكره ذلك في النافلة؛ لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض.
القول الثالث: أن القراءة من المصحف في الصلاة مكروهة مطلقًا سواء في ذلك الفرض والنفل، ولكنها لا تُفْسِد الصلاة؛ لأنها عبادة انضافت إلى عبادة، ووجه الكراهة أنها تَشَبُّهٌ بصنيع أهل الكتاب، وكذلك النظر في المصحف يعد تعليما وعملا كثيرا، وهو قول الصاحبين من الحنفية أبي يوسف القاضي ومحمد بن الحسن الشيباني، وبعض المالكية.
القول الرابع: لا يجوز ذلك مطلقا وأنها تفسد الصلاة إذا لم يكن حافظا، ولا فرق بين الإمام والمنفرد.
والمفتى به:
هو ما ذهب إليه أصحاب القول الثاني من كراهة القراءة في المصحف في صلاة الفرض مطلقا دون النافلة، وذلك لعدم الحاجة إليه غالبا؛ لأن القراءة تتحصل بالفاتحة وما تيسر من الحفظ ولو من قصار السّور، ويكرر تلك السّور ولا حرج عليه في ذلك.
وينبغي عليه أن يجتهد في حفظ قدر أكبر من السّور خاصة المفصل ليتمكن من أداء الفريضة من غير نظر إلى المصحف؛ ولأن السّنة المحفوظة عن النبيّ ﷺ وأصحابه القراءة عن ظهر قلب ولم ينقل عن أحد منهم القراءة من المصحف؛ ولأن معيار التفضيل في الإمامة الحفظ والاتقان للقرآن لظاهر قوله ﷺ: ((وليؤمكم أكثركم قرآنا)) رواه البخاري.
وعليه يجب أن لا يُسّهل ويرّخص في الفريضة؛ لأن ذلك يفضي إلى تفريط الناس بالحفظ وعدم الاهتمام بشروط الإمامة المعتبرة. وعدم كراهة ذلك في النافلة؛ لأنه يغتفر فيها ما لا يغتفر في الفرض؛ ولأن المقصود في النفل الإطالة وكثرة القيام، والقراءة من المصحف يحقق ذلك لمن لم يكن حافظا، ولما في ذلك من التيسير على الناس ورفع الحرج عنهم؛ لأنه قد يصعب وجود حفاظ للمصحف في بعض الأماكن والمصلون يتشوقون لسماع القرآن وختمه في مواسم الخير .
والتفريق بين الفريضة والنافلة في الجواز هو القول الموافق للأدلة والمقاصد الشرعية، ولكن ينبغي للحافظ ان يقرأ من حفظه لتحصيل السّنة والفضيلة، ولا يعتمد على القراءة من المصحف؛ لأنه مع الأسف هناك من الحفاظ مَن نسي حفظه لاعتماده الكلي على المصحف في النافلة.
وعلى العموم فالمسألة خلافية والأمر فيها واسع؛ وقد تقرر في القواعد الفقهية انه لا إنكار في مسائل الخلاف السائغ، ولا يجوز أن تكون هذه سبب للفتنة ونزاع بين المسلمين.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 171