الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد اتفق العلماءُ على حرمة الأكل اثناء الخطبة ويلتحق ذلك بِحرمة الكلام اثنائها، واختلفوا في جواز الشرب اثناء الخطبة على قولين:

القول الاول: يحرم الاكل والشرب أثناء الخطبة للأمام والمأمومين،وأنه فعل يشبه مس الحصا الذي يعتبر من اللغو.

القول الثاني: كراهة الشرب حال الخطبة للتلذذ، ويجوز للحاجة ولمن اشتد به العطش.

وذهب ابو بكر بن المنذر الى الجواز وعدم الكراهة فقال في الاوسط [4/73]:( لابأس به - الشرب - لأن الأشياء على الإباحة ولا حجة تمنع منه، والوقوف عنه أحسن في الأدب).

وأمَّا أثناءَ جلسة الاستراحة، فأجازَ الشافعيَةُ والحنابلة الاكل والشرب اليسير فيها قياسا على جواز الكلام فيه.

والمفتى به:

هو ما ذهب إليه اصحاب القول الثاني من جواز الشرب للحاجة اثناء الخطبة للأمام والمأمومين، ولا يخالف هذا آداب الجُمُعة، ولا يُعَدُّ من خوارم المروءة، والأفضل أن يجعل إناء الماء بقربه حتى لا يضطر للخروج خارج المسجد أثناء الخطبة بحثا عنه، لما في ذلك من تشويش للمصلين والانشغال عن سماع الخطبة وقطع الصفوف وتخطى رقاب الناس، ولا يخفى ما في ذلك من الأذية لهم، ففي سنن أبي داود والنسائي من حديث عبد الله بن بسر قال: جاء رجل يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة والنبي ﷺ يخطب، فقال له النبي ﷺ: ((اجلس فقد آذيت)).

ولو أخّرَ ذلك إلى جلسة الاستراحة بين الخطبتين كان أفضل خروجا من الخلاف.

والله تعالى أعلم.