هل يجوز للمسافر الذي صلى الجمعة مع الإمام المقيم أن يجمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة جمع تقديم؟ بارك الله فيكم.
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- حكم جمع صلاة العصر مع الجمعة
- السؤال
- هل يجوز للمسافر الذي صلى الجمعة مع الإمام المقيم أن يجمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة جمع تقديم؟ بارك الله فيكم.
- الجواب
-
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فمن رحمة الله تعالى بعبادة أن شرع لهم قصر وجمع الصلاة في السفر تخفيفاً منه وفضلاً، وحسب القاعدة الفقهية -الْمَشَقَّة تجلب التَّيْسِير- وذلك لأن المسافر تعتريه من الظروف والأحوال والمشقة ما يصعب معه أداء كل صلاة كاملة وفي وقتها.
ولهذا فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين الظهر والعصر، والجمع بين المغرب والعشاء في السّفَر، بينما ذهب الحنفية الى عدم جواز الجمع بين فرضين في وقت، فلا يجوز عندهم إلا الجمع الصوري بتأخير الظهر إلى آخر وقتها، ثم أداء صلاة العصر في أول وقتها، ما عدا الجمع بعرفة بين الظهر والعصر جمع تقديم مع الامام، وفي مزدلفة بين المغرب والعشاء ليلة النحر بعد الغروب .
ونقل قول عن الامام مالك أن الجمع يختص بمن جـدّ به السير.
والراجح: هو ما ذهب اليه جمهور أهل العلم إلى جواز الجمع بين الصلاتين في السفر، لحديث معاذ -رضي الله عنه- في صحيح الامام مسلم وموطأ الامام مالك: ((خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ عَامَ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَكَانَ يَجْمَعُ الصَّلَاةَ، فَصَلَّى الظُّهْرَ وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، وَالْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمًا أَخَّرَ الصَّلَاةَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ جَمِيعًا، ثُمَّ دَخَلَ، ثُمَّ خَرَجَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَصَلَّى الْمَغْرِبَ وَالْعِشَاءَ جَمِيعًا)) .
وأما جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة؛ فقد اختلف القائلون بجواز جمع الصلاتين للمسافر على قولين:
القول الاول: يجوز جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة تقديما، وهو مذهب الشافعية،
القول الثاني: عدم جواز جمع الجمعة مع العصر مطلقا، وهو مذهب الحنابلة ولم أجد نصا صريحا للمالكية في المنع أو الجواز، لكنهم يمنعون من جمع الظهر والعصر أصلاً في المطر، وطرد مذهبهم أن يمنعوا من الجمع بين الجمعة والعصر.
والسبب في أن الفقهاء يوردون بحث هذه المسألة تحت (باب صلاة الجمعة) ولا يوردونها عند الكلام حول صلاة المسافر أو في مسائل الجمع بين الصلاتين؛ هو أن المسافر لا تلزمه الجمعة، ولا يكاد يدركها في سفره، و أكثر ما يمكن أن ترد عليه صورة جمع الجمعة والعصر هو في حال الحضر؛ سواء كان لعذر المطر أو الوحل أو الرياح أو لعذر أخر.
الخلاصة: فقد ذهب جمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى جواز الجمع بين الظهر والعصر، والجمع بين المغرب والعشاء في السّفَر، واختلفوا في جواز جمع العصر مع الجمعة على قولين كلاهما قوي ومتجه، والقول الأول اقرب للتيسير ورفع الحرج في السفر وهو من مقاصد الشريعة.
فالمفتى به: هو جواز جمع صلاة العصر مع صلاة الجمعة تقديما في السفر والمطر؛ لأنه من رخص الله تعالى، والله يحب أن تؤتى رخصه؛ ولأن معنى الجمع بين الصلاتين هو وضع إحداهما في وقت الأخرى، وهذا حاصل بالجمعة، وأما قول المانعين بأن الجمعة صلاة مستقلة ولا تقاس على الظهر، فيمكن أن يرد عليه أن القياس في باب الرخص معمول به عند الأصوليين.
فقد ذكر الامام الزركشي في البحر المحيط امثلة كثيرة في الباب الخامس - في ما يجري فيه القياس-، فقال: ( أمثلة للقياس في الرخص وقد استعمل أصحابنا القياس في الرخص...)، كما أن الجمعة والظهر يتفقان في مسائل كثيرة، منها الأعذار التي تبيح التخلف عنهما، وجوازها في الرحال في المطر الشديد، وتزيد الجمعة في حق المسافر أنها لا تجب عليه.
والله تعالى أعلم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 176