ما هي المدة المسموح فيها بقصر وجمع الصلاة الرباعية للمسافر؟ وهل يعد مسافرا من كان نازحا ومهجرا بسبب الحرب في بلده، ولا يعرف متى يعود إليها؟ جزاكم الله خيرا.
- الباب الفقهي
- العبادات / الصلاة
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- صلاة المسافر والنازح عن مسكنه
- السؤال
- ما هي المدة المسموح فيها بقصر وجمع الصلاة الرباعية للمسافر؟ وهل يعد مسافرا من كان نازحا ومهجرا بسبب الحرب في بلده، ولا يعرف متى يعود إليها؟ جزاكم الله خيرا.
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم وبعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن للمسافر حق القصر ما لم ينو الإقامة في البلد التي سافر إليها مدة معينة، بشرط أن لا يقتدي بصلاة مقيم، وحكى الإمام ابن المنذر -رحمه الله تعالى- الإجماع على ذلك فقال: (أجمع أهل العلم أن للمسافر أن يقصر ما لم يجمع إقامة، وإن أتى عليه سنون).
لكنهم اختلفوا في تقدير هذه المدة التي إذا نواها صار في حكم المقيم، لعدم ورود فيها دليل واضح يقطع النزاع، فلذلك اختلفت فيها العلماء على أقوال كثيرة، نذكر أهمها وكالآتي:
القول الأول: إذا نوى الإقامة أربعة أيام فأكثر غير يوم الدخول ويوم الخروج، فإنه يلزمه الإتمام.
القول الثاني: إذا نوى الإقامة أكثر من أربعة أيام أو أكثر من عشرين صلاة، ويُحسب من المدة يوما الدخول والخروج فإنه يتم الصلاة ولا يقصر .
القول الثالث: إذا نوى الإقامة في بلد خمسة عشر يوماً فصاعداً، يصير مقيماً، ويمتنع عليه القصر، فإن نوى تلك المدة أو أكثر لزمه الإتمام، وإن نوى أقل من ذلك قصر.
القول الرابع: أنه يقصر ما لم ينو الاستيطان أو الإقامة المطلقة أي دون تحديد مدة .
وسبب اختلافهم هو الاختلاف في معنى الإقامة، وقد فصل أهل العلم فقالوا: المسافر يصير مقيماً بوجود الإقامة، والإقامة هي صريح نية الإقامة، وهو أن ينوي الإقامة أربعة أيام في مكان واحد يصلح للإقامة.
ومعنى صريح نية الإقامة أن يعزم عليها ويجمع النية لها، فلو دخل بلداً ومكث شهراً أو أكثر انتظاراً لقافلة أو لحاجة أخرى يقول: أخرج اليوم أو غداً إذا انتهت حاجتي ولم ينو الإقامة لا يصير بذلك مقيماً.
والمفتى به: هو القول الأول من أن المسافر إذا عزم على الإقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج أتم، ومما يشهد لهذا أنه متى نوى سلفاً إقامة أكثر من أربعة أيام فإن وصف المشقة الذي يلازم المسافر يزول عنه غالباً بنوع استقرار يجعل شبهه بالمقيم أكثر من شبهه بالمسافر، فكان إلحاقه به أقوى دليلاً وتعليلاً.
وأما الجمع بين الصلاتين: إن كان سائراً في الطريق فالأفضل له أن يجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء إما جمع تقديم أو جمع تأخير حسب الأيسر له، وإن كان نازلاً مستقراً فالأفضل أن لا يجمع، وإن جمع فلا بأس لصحة الأمرين عن رسول الله ﷺ.
والضابط في الجمع هي المشقة فكلما حصل حرج في ترك الجمع جاز له الجمع وإذا لم يكن عليه حرج فلا يجمع، لكن السفر مظنة الحرج بترك الجمع، وعلى هذا يجوز للمسافر أن يجمع سواء كان جاداً في السفر أم مقيماً إلا أنه إن كان جاد في السفر فالجمع أفضل، وإن كان مقيماً فترك الجمع أفضل؛ لأنه رخصة.
ومع ذلك فينبغي أن لا يكون الجمع عادة المسافر النازل ببلد، بل يفعله إذا احتاج إليه وشق عليه أداء الصلاة في وقتها.
وأما بخصوص النازحين والمهجرين من بلدهم بسبب ظروف الحرب، - فنسأل الله أن يفرج كربهم ويردهم إلى بلدهم سالمين غانمين-، وكذلك غيرهم ممن لا يدري على وجه التحديد متى يرجع إلى بلده، فله حكم المسافر، فإذا نوى إقامة أربعة أيام فأكثر عدا يومي الدخول والخروج، أو علم أنه لن يرجع إلى بلده قبل هذه المدة، صار في حكم المقيم، فلا يقصر أو يجمع بل يتم.
والله تعالى اعلم.
- الموضوع الفقهي
- الصلاة
- عدد القراء
- 173