كانت النقود سابقاً تصنع من معدنين: الذهب للدينار وهو رومي. والفضة للدرهم وهو فارسي. وزكاة النقدين في كتب الفقه يقصد بها زكاة الذهب والفضة. دينار لكل أربعين ديناراً بعد بلوغ النصاب، وهو عشرون مثقالاً (ديناراً). والفضة نصابها مائتا درهم، وفيها خمسة دراهم، أي: بنسبة 2.5%. وذلك بعد حولان الحول، والخلو من الدين، والزيادة عن الحوائج الأصلية.

أما زكاة الحلي المعد للاستعمال: فإن كان من غير الذهب والفضة فلا زكاة فيه مهما كان. وإن كان ذهباً أو فضة، فهناك خلافٌ:

فمالك، وَالشَّافِعِيُّ، وَأَحْمَدُ قالوا: ليس في الحُلي زكاة. ولا يصح لهذا القول دليل من الأثر .

وأبو حنيفة، وأصحابه قالوا: فيها زكاة. وهو الأحوط والأقوى دليلاً. واستدلوا بجملة أحاديث أهمها:

عن أُمِّ سَلَمَةَ قالت: كنت أَلْبَسُ أَوْضَاحًا من ذَهَبٍ فقلت: يا رَسُولَ اللَّهِ أَكَنْزٌ هو؟ فقال: "ما بَلَغَ أَنْ تُؤَدَّى زَكَاتُهُ فَزُكِّيَ فَلَيْسَ بِكَنْزٍ" *. وعن عَائِشَةَ قالت: دخل عَلَيَّ رسول اللَّهِ فَرَأَى في يَدَيَّ فَتَخَاتٍ من وَرِقٍ فقال: ما هذا يا عَائِشَةُ؟ فقلت: صَنَعْتُهُنَّ أَتَزَيَّنُ لك يا رَسُولَ اللَّهِ. قال: أَتُؤَدِّينَ زَكَاتَهُنَّ قلت: لا؛ أو ما شَاءَ الله. قال: هو حَسْبُكِ من النَّارِ" **.

وورد: أَنَّ امْرَأَةً من أَهْلِ الْيَمَنِ أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَبِنْتٌ لها في يَدِ ابْنَتِهَا مَسَكَتَانِ غَلِيظَتَانِ من ذَهَبٍ، فقال أَتُؤَدِّينَ زَكَاةَ هذا؟ قالت: لا. قال:" أَيَسُرُّكِ أَنْ يُسَوِّرَكِ الله بِهِمَا يوم الْقِيَامَةِ سِوَارَيْنِ من نَارٍ؟ قال: فَخَلَعَتْهُمَا فَأَلْقَتْهُمَا إلى رسول اللَّهِ فقالت: هُمَا لِلَّهِ وَلِرَسُولِهِ" ***.

فهذه الأحاديث تدل على وجوب الزكاة في الحُلي المعدِّ للاستعمال من الذهب والفضة إذا بلغ النصاب وحده؛ أو مع ما تملك المرأة من أصول نقدية وعروض تجارة من غير أن يضاف إلى مال الزوج. فالزوجة شخصية مستقلة عن زوجها في الملك، وهي مخاطبة بالتكاليف وحدها. وكذلك لا يضاف إلى ملكها ما تملك بناتها من الحلي وغيره في الزكاة؛ لأنَّ لكلٍ منهن شخصيةً مستقلةً.

* أخرجه أبو داود، السنن، بَاب الْكَنْزِ، حديث رقم 1564. وقال العيني في عمدة القاري 8/254: إسناده جيد ورجاله رجال البخاري وأخرجه الحاكم أيضا وصححه وقال على شرط البخاري.

** أخرجه أبو داود، بَاب الْكَنْزِ، حديث رقم 1565. والحاكم، المستدرك وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه.

*** أخرجه أبو داود، بَاب الْكَنْزِ، حديث رقم 1563. والنسائي، بَاب زَكَاةِ الْحُلِيِّ، حديث رقم 2479. وقال في نصب الراية: قال ابن القطان إسناده صحيح، وقال المنذري في مختصره إسناده لا مقال فيه.