في سجود السهو خلاف بين العلماء مبني على خلاف الروايات. ففي الصحيحين: أنه -صلى الله عليه وسلم- سجد قبل أن يسلم. وفيهما: أنه -صلى اللله عليه وسلم-سلم ثم سجد للسهو بعد السلام. وورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال : (إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبنِ على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى تماما كانتا ترغيما للشيطان)*. وهناك روايات تذكر السجود ولا تذكر موضعه. ولما اختلفت الروايات قابلها اختلاف آراء العلماء في الأخذ بها على أقوال:

القول الأول: تستعمل في مواضعها على ما جاءت به، ولا يقاس عليها.

القول الثاني: يسجد قبل السلام لكل سهو.

القول الثالث: هو مخير في كل سهو إن شاء سجد بعد السلام، وإن شاء قبل السلام في الزيادة والنقص.

القول الرابع: إن كان السجود لزيادة سجد بعد السلام، وإن كان لنقصان سجد قبله.

القول الخامس: الأصل في سجود السهو أنه بعد السلام، وتأولوا الأحاديث الواردة في السجود قبله. والتعارض ثابت في الأحاديث الواردة في ذلك قولاً وفعلاً . وتقدم بعضها وتأخر البعض غير ثابت برواية صحيحة موصولة، فلا يستقيم القول بالنسخ، فالأولى الحمل على التوسع في جواز الأمرين.

أما عن التشهد والسلام بعد سجود السهو: إذا كان بعد السلام، فقد نقل الطحاوي عن عبد اللَّهِ بن مسعود -رضي الله عنه- قال: (السَّهْوُ أَنْ يَقُومَ في قُعُودٍ أو يَقْعُدَ في قِيَامٍ أو يُسَلِّمَ في الرَّكْعَتَيْنِ؛ فإنه يُسَلِّمُ ثُمَّ يَسْجُدُ سَجْدَتَيْ السَّهْوِ وَيَتَشَهَّدُ وَيُسَلِّمُ) * . وهذا قول لصحابي فيما لا محل فيه للاجتهاد فهو في حكم المرفوع؛ أو على الأقل مذهب صحابي يحتج به.

*رواه مسلم 2/84، باب السهو في الصلاة والسجود له ، برقم 1300.

** شرح معاني الآثار 1/441.