- الباب الفقهي
- الأضحية
- المفتي
- الشيخ الدكتور أحمد حسن الطه
- عنوان الفتوى
- مشروعية الأضحية وما يتعلق بها من أحكام
- السؤال
- يرجى إفادتنا وعامة المسلمين عما يتعلق بنحر الضحايا في عيد الأضحى ولكم جزيل الأجر والثواب إن شاء الله هل هو فرض أم سنة وما هو الأفضل ذبح البقر أم الغنم وهل يجوز نحر ثلاثة خرفان متوسطة العمر بدلاً عن الكبش أو البقرة وهل الفدية التي تنحر في منى عند مناسك الحج تغني عن الضحية . وما هي الفائدة من نحر الضحايا أفليس الأفضل أن ننحر ثلاثة خرفان بدلاً عن الكبش مع العلم أن لحم الخروف يكون ألذ وأحسن من لحم الكبش وهل الذي ينحر ضحيته قبل وفاته خير له من نحرها بعد وفاته عن طريق الأهل.
- الجواب
-
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين .. الحمد لله وصلاة الله وسلامه على سيدنا محمد خاتم الأنبياء والمرسلين وعلى آله وصحبه ومن اتبعه وبعد؛
أ. لا خلاف بين العلماء أن الأضحية من شرائع الدين وشعائر الإسلام فقد ثبتت مشروعيتها بالكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة.
قال الله سبحانه: «فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ»(١)، وقال تعالى: « وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(٢)؛ «وقد ضحى رسول الله ﷺ بكبشين أملحين أقرنين ذبحهما بيده وسمى وكبّر ووضع رجله على صفاحهما»(٣).
وقال عليه الصلاة والسلام: «ما عمل ابن آدم يوم النحر من عمل أحب إلى الله تعالى من إراقة الدم... فطيبوا بها نفساً»(٤).
وقد ذهب جمهور الفقهاء والشافعي وأحمد في المشهور عنه؛ والمالكية إلى أن الأضحية سنة مؤكدة، وقيل فرض كفاية، فتفعل كل عام أيام عيد الأضحى.
وذهب الإمام أبو حنيفة وصاحبه محمد بن الحسن الشيباني وأبو يوسف في إحدى الروايتين عنه إلى أنها واجبة، وهو قول للمالكية.
ولكل من القولين أدلة كثيرة مدونة في المطولات.
ولابد أن يكون المضحي مالكاً قيمة الأضحية فاضلاً عن حاجاته الضرورية الأخرى خصوصاً بالنسبة لمن يقول بوجوبها، لأن الفقير لا يكلف بما لا يجد من المال، لقوله ﷺ: «من وجد سعةً فلم يضح فلا يقربن مصلانا»(٥) لذلك لا تجب إلاَّ على من ملك نصاب الزكاة.
ووقت ذبح الأضحية من بعد صلاة العيد إلى آخر اليوم الثالث للعيد- أي ثاني أيام التشريق عند جمهور من العلماء وعند الشافعي رحمهم الله تعالى أجمعين:
يبقى وقت ذبح الأضحية إلى آخر أيام التشريق- أي إلى رابع يوم العيد لقوله ﷺ: «عرفة كلها موقف وأيام التشريق كلها منحر»(٦).
ولا يجوز الذبح قبل الصلاة لحديث الصحيحين: «من كان ذبح قبل الصلاة فليذبح مكانها أخرى ومن لم يكن ذبح حتى صلينا فليذبح باسم الله».
ب. ما هو الأفضل ذبح البقر أو الغنم؟ وهل تجوز ثلاثة خراف بدل الكبش والبقرة؟
لاشك أن البقرة أكثر لحماً فهي أفضل من الشاة أو الخروف، على رأي جمهور العلماء ولما كانت البقرة والبدنة تكفي لسبعة أضاحي لما ورد في صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: «نحرنا بالحديبية مع النبي ﷺ البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة».
فعلى هذه التضحية بشاة أو خروف جذع أفضل من سُبع البقرة لأنه أطيب لحماً وربما يساوي أو يزيد على سُبع البقرة.
وجذع الضأن ما له سنة أو يقل قليلاً عن السنة.
ويشترط في البقر والمعز أن يكون لها من العمر سنتان وفي الإبل خمس سنين.
ج. هل الفدية التي تنحر في منى تكفي عن الأضحية؟
يرى الحنفية أنه لا أضحية على المسافر، لقول سيدنا علي بن أبي طالب : (ليس على مسافر جمعة ولا أضحية)، والحاج في منى مسافر في الغالب؛ ولأن المسافر تخفف في حقه التكاليف الشرعية.
ويرى غيرهم أن مشروعيتها باقية وإن كان الشخص مسافراً.
د . ما هي الفائدة من نحر الضحايا...
الفائدة أن نحر الضحايا امتثال لأمر الخالق سبحانه وتعظيم لشعائر الله تعالى لأنها من الشعائر، وتعظيمها تقوى، قال الله سبحانه: «وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُم مِّن شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ ۖ فَاذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا صَوَافَّ ۖ فَإِذَا وَجَبَتْ جُنُوبُهَا فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ۚ كَذَٰلِكَ سَخَّرْنَاهَا لَكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ»(٧) ، وقال تعالى: «ذَٰلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ»(٨) .
ثم إن الأضحية أكل يقدم ونصيب الفقير منه وافر، ويهدى للغني الهدية من أسباب المودة بين الناس، وفي الحديث: «تهادوا تحابوا».
هـ. هل الذي ينحر ضحيته قبل وفاته خير له من نحرها بعد وفاته عن طريق الأهل؟
نعم الذي ينحر اضحيته في حياته هو المتطوع المتصدق بخير أنواع الصدقة والمطلوب أن يذبح المسلم الغني في كل سنة الأضحية، لا أن يكتفي بأضحية واحدة في العمر، وأما ما يذبحه الأهل عن الميت فليس بأضحية وإنما صدقة ولا تعتبر أضحية إلا إذا أوصى بها، ولا يقاس ذلك بحالٍ بالأضحية التي يذبحها في حياته أو الصدقة التي يفعلها حالة صحته.
وقد سئل المصطفى رسول الله ﷺ: «أي الصدقة أفضل؟ قال: أن تصدق وأنت صحيح شحيح تأمل الغنى وتخشى الفقر ولا تهمل حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد صار لفلان» كما في الصحيحين.
وما تعارف عليه الناس من ذبح أضحية في أول عيد أضحى بعد وفاة قريبهم كأضحية إنما هو صدقة لا أضحية ويكفي أهل كلّ بيت أضحية واحدة في السنة، لحديث أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: «كان الرجل في عهد النبي ﷺ يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون» (٩).
ولا يجوز أن يباع من الأضحية شيء بل يؤكل من قبل المضحي والفقراء والأغنياء على وجه الهدية، ولا يجوز أن تعطى أجرة الجزار من لحمها أو جلدها يعطى أجرته على الأصل ثم يعطى هدية أو صدقة، والله تعالى أعلم.
(١)سورة الكوثر الآية 2.
(٢)سورة الحج الآية 36.
(٣)رواه مسلم.
(٤)رواه الترمذي وابن ماجة.
(٥)رواه أحمد وابن ماجة، وصححه الحاكم وقال في فتح الباري: رجاله ثقات.
(٦)رواه البيهقي وصححه ابن حبان.
(٧)سورة الحج الآية 36.
(٨)سورة الحج الآية 32.
(٩)رواه الترمذي وابن ماجة.
- الموضوع الفقهي
- الاضحية
- عدد القراء
- 297