- الباب الفقهي
- العبادات / الدعاء والاذكار
- المفتي
- الشيخ الدكتور عبد الستار عبد الجبار
- عنوان الفتوى
- سجدة الشُكر في الملاعب
- السؤال
- ما حكم سجود اللاعبين في المنافسات الرياضية المختلفة بعد الفوز أو تسجيل الأهداف؟
- الجواب
-
يُسْتَحَبُّ للعبد أَنْ يَسْجُدَ شُكْرًا لِلَّهِ تَعَالَى؛ فيكبر مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ يَحْمَدُ اللَّهَ فيها وَيُسَبِّحُهُ، ثُمَّ يُكَبِّرُ أُخْرَى فَيَرْفَعُ رَأْسَهُ، وَلا يُمْنَعُ الْعِبَادُ من سَجْدَةِ الشُّكْرِ؛ لِمَا فيها من الْخُضُوعِ وَالتَّعَبُّدِ. ومن هديه -صلى الله عليه وسلم- وهدي أصحابه -رضي الله عنهم- سجود الشكر عند حدوث نعمة، أو اندفاع نقمة.
فعن سَعْدٍ بن أبي وقاص -رضي الله عنه- قال: «خَرَجْنَا مع رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلممن مَكَّةَ نُرِيدُ الْمَدِينَةَ... فنَزَلَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثُمَّ رَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قام فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَدَعَا اللَّهَ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا فَمَكَثَ طَوِيلًا، ثُمَّ قام فَرَفَعَ يَدَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ خَرَّ سَاجِدًا ثَلَاثًا. قال: إني سَأَلْتُ رَبِّي وَشَفَعْتُ لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ سَاجِدًا شُكْرًا لِرَبِّي، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي ثُلُثَ أُمَّتِي فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي شُكْرًا، ثُمَّ رَفَعْتُ رَأْسِي فَسَأَلْتُ رَبِّي لِأُمَّتِي فَأَعْطَانِي الثُّلُثَ الْآخِرَ فَخَرَرْتُ سَاجِدًا لِرَبِّي»* .
وعن عبد الرحمن بن عَوْفٍ -رضي الله عنه- قال «خَرَجَ رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَتَوَجَّهَ نحو صَدَقَتِهِ فَدَخَلَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَخَرَّ سَاجِداً فَأَطَالَ السُّجُودَ حتى ظَنَنْتُ أن اللَّهَ سبحانه وتعالى قَبَضَ نَفْسَهُ فيها فَدَنَوْتُ منه فجلست فَرَفَعَ رَأْسَهُ فقال: من هذا؟ قلت: عبدالرحمن. قال: ما شَأْنُكَ؟ قلت: يا رَسُولَ اللَّهِ سَجَدْتَ سَجْدَةً خَشِيتُ أن يَكُونَ الله سبحانه وتعالى قد قَبَضَ نَفْسَكَ فيها. فقال: إن جِبْرِيلَ عزوجل أتاني فبشرني فقال: إن اللَّهَ سبحانه وتعالى يقول: من صلى عَلَيْكَ صَلَّيْتُ عليه وَمَنْ سَلَّمَ عَلَيْكَ سَلَّمْتُ عليه فَسَجَدْتُ لِلَّهِ سبحانه وتعالى شُكْراً»**.
وبعض المعاصرين يرى: أن فوز فريق أو تسجيل هدف أثناء لعب أقصى ما يكون مباحًا، ليس فيه حدوث نعمة للأمة أو رفع نقمة عنها. وسجود الشكر في مثل هذه الحال غير مناسب؛ لانعدام حقيقة استشعار النعمة أو دفع النقمة، فليس في اللعب المباح ذلك. والسجود في مثل هذه الأحوال مما لا ينبغي فعله.
وبعضهم الآخر يرى: أن السجود للشكر يكون في مقابل استشعار العبد المكلف أن الله أنعم عليه بنعمة أخروية أو دنيوية مشروعة ليس فيها معصية الله، وتسجيل هدف في مباراة مهمة؛ أو فوز فريق يحبه الشاب المصلي؛ يراه الشباب اليوم نعمة دنيوية مشروعة تستحق الشكر بسجدة, ولا بأس بهذا الفهم؛ مع الأخذ بنظر الاعتبار:
- ليس من المناسب شرعًا أن نتابع لعبة ونسجد شكرًا لهدف سجله فريقٌ؛ ثم إذا جاء وقت الصلاة نتركها وتفوتنا مخافة أن تفوتنا متابعة المبارة. فمتابعة المبارة من المباحات، ولكن إذا جرَّتا إلى معصية تصبح حرامًا باعتبار أن مآلها ترك الصلاة حتى خرج وقتها. فالتكاسل عن الصلاة من علامات المنافقين: ﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾***.
- الحذر من الحب الزائد لفرق معينة الذي قد يخرج صاحبه من حد الاعتدال في متابعة اللعبة وتشجيع الفريق؛ كالخصومة، واستعمال الكلمات البذيئة، وشتم اللاعبين ونحو ذلك مما لا يجوز أو يكره.
- الحذر من المراهنة على الفريق الفائز بالمال فإنه قمار نهى الله عنه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾**** . الميسر: القمار, وهو يحول اللعب المباح إلى حرام.
* أخرجه أبو داود: 2775.
** مسند أحمد بن حنبل: 1664.
*** سورة النساء، الآية: 142.
**** سورة المائدة، الآية: 90.
- الموضوع الفقهي
- حكم سجدة الشكر في الملاعب
- عدد القراء
- 248