- الباب الفقهي
- العبادات / الصيام
- المفتي
- الشيخ الدكتور طه أحمد الزيدي
- عنوان الفتوى
- الإختلاف في رؤية الهلال
- السؤال
- نحن طلبة علم: وقد أثير جدل بشأن صحة رؤية هلال شهر شوال لهذا العام (1440هـ - 2019م) فشهر رمضان لم يتم ثلاثين، فما هو الحكم بهذه الواقعة ؟ وقد سبقه ظهور شائعات بشأن ذلك، نطلب من فضيلتكم تحرير هذه المسألة مفصلا مع الأدلة.
- الجواب
-
هنالك قاعدة تقرر أنَّ حكم الحاكم الشرعي يرفع الخلاف بين العلماء، ومعنى هذه القاعدة أنَّ ولي الأمر (الحاكم الشرعي) - سواء أريد به القاضي أو السلطان- إذا اختار أو تبنى رأياً من الآراء الاجتهادية في الشريعة ولو كان مرجوحاً يرتفع به النزاع بين الناس ويلزمهم العمل بالقول الذي اختاره وارتضاه. واستثنى بعض الفقهاء منها العبادات، بشرط التي لا تترك فتنة أو يتعدى أثرها إلى الناس، يقول الإمام القرافي رحمه الله : «إنَّ حكم الحاكم في مسائل الاجتهاد يرفع الخلاف ويرجع المخالف عن مذهبه لمذهب الحاكم، وتتغير فتياه بعد الحكم عما كانت عليه على القول الصحيح من مذاهب العلماء، ويستثني من ذلك باب العبادات، وأسبابها، وشروطها، وموانعها فإنه لا يدخله الحكم البتة؛ إلا إن كان هناك صورة مشاقة للسلطان، وأُبَهة الولاية، وإظهار العناد والمخالفة، فيمتثل أمره، لا لأنه موطن خلافٍ اتصل به حكم حاكم؛ بل درء للفتنة، واختلاف الكلمة». ويذهب بعض العلماء المعاصرين ومنهم العلامة ابن عثيمين رحمه الله إلى أنَّ حكم الحاكم ملزم في باب العبادات كما في مسألة رؤية الهلال، قال: إذا كان البلد تحت حكمٍ واحدٍ، وأمر حاكم البلاد بالصوم، أو الفطر وجب امتثال أمره؛ لأنَّ المسألة خلافية، وحكم الحاكم يرفع الخلاف».
ولاسيما إن كان الأمر مناطا بجهة شرعية تضم نخبة من علماء الفقه الإسلامي وعلم الفلك والقضاء الموثوق بعلمهم وورعهم، فيكون أكثر إلزاما. ولذا تعدّ رؤية هلال شوال في مساء يوم الاثنين (29 رمضان) لهذا العام 1440ه، صحيحة بعد تأكيد علماء الفلك على إمكانية الرؤية مع الصعوبة في بعض البلدان، وقد شهد طائفة من أهل العراق وغيرهم أنهم رأوا الهلال في تلك الليلة وأخذت بشهادتهم الهيئات المختصة فتحققت الرؤية الشرعية، وأما كون الشهر (29) يوما فهذا يتوافق مع السنن الكونية والشرعية، عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ وعائشة رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَما، أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ،.. قَالَ: «إِنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا» وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، فَلاَ تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْهُ، فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَأَكْمِلُوا العِدَّةَ ثَلاَثِينَ» وعنه قَالَ ﷺ: «إِنَّا أُمَّةٌ أُمِّيَّةٌ، لاَ نَكْتُبُ وَلاَ نَحْسُبُ، الشَّهْرُ هَكَذَا وَهَكَذَا» يَعْنِي مَرَّةً تِسْعَةً وَعِشْرِينَ، وَمَرَّةً ثَلاَثِينَ . وأما حديث أَبِي بَكْرَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَ: « شَهْرَانِ لاَ يَنْقُصَانِ، شَهْرَا عِيدٍ: رَمَضَانُ، وَذُو الحَجَّةِ « ، فقد ذكر البخاري عن إِسْحَاق رحمه الله أنّه قَالَ: «وَإِنْ كَانَ نَاقِصًا فَهُوَ تَمَامٌ» يريد في الثواب، قال الإمام النووي : «الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المرتب عليهما وإن نقص عددهما»، وسبقه إلى ذلك الإمام الطحاوي في شرح مشكل الآثار والإمام ابن بطال في شرح صحيح البخاري. وبناء عليه يكون دخول شهر شوال صحيحا، وليس على الناس قضاء ولا كفارة. والله اعلم.
- الموضوع الفقهي
- أحكام الصيام
- عدد القراء
- 181