- الباب الفقهي
- العبادات / الدعاء والاذكار
- المفتي
- الشيخ الدكتور طه أحمد الزيدي
- عنوان الفتوى
- الدعاء على أهل المعاصي
- السؤال
- لي جار يرتكب كثيرا من المعاصي، وبعضها تؤذينا، فهل يجوز الدعاء على أهل المعاصي؟
- الجواب
-
من حقوق الجار في الإسلام بذل النصح إليه، وارشاده برفق الى ترك ما عليه من المعاصي والفواحش.
وأما الدعاء على أهل المعاصي ففيه تفصيل:
الراجح أن الدعاء على المسلم المعين الواقع في المعصية لا يجوز، لنهيه ﷺ عن الدعاء على الرجل الذي شرب الخمر، ولأن في ذلك إعانة للشيطان عليه، فقد أتي بسكران يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم: اللهم إلعنه، ما أكثر ما يؤتى به؟ فقال النبي ﷺ: «لا تلعنوه، فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله»، وفي رواية: فلما انصرف قال رجل: ما له أخزاه الله، فقال رسول الله ﷺ: «لا تكونوا عون الشيطان على أخيكم» أخرجهما البخاري».
وأما الدعاء عليه بسبب ظلمه وإيذائه لك، فهو جائز بقدر مظلمته، قال عليه الصلاة والسلام محذرا من دعوة المظلوم: «وَاتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ حِجَابٌ» أخرجه البخاري ومسلم، وقد ثبت في الصحيح أن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه دعا على من ظلمه وأن سعيد بن زيد رضي الله عنه دعا على امرأة ظلمته، فاستجيب لهما، ومع ذلك فترك الدعاء عليه أولى، وهو من الصبر، قال تعالى: (وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ) (النحل: 126)، وقوله تعالى: (وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ) (الشورى:43)، وكره النبي عليه الصلاة والسلام أن يدعو على عدوه، قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ ادْعُ عَلَى الْمُشْرِكِينَ قَالَ: «إِنِّي لَمْ أُبْعَثْ لَعَّانًا، وَإِنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً» أخرجه مسلم.
والأفضل أن يدعو له بالهداية والصلاح، كما فعل النبي ﷺ حينما دعا لأم أبي هريرة رضي الله عنه وكانت تتكلم فيه عليه الصلاة والسلام، عن أبي هريرة قال: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي كُنْتُ أَدْعُو أُمِّي إِلَى الْإسلام فَتَأْبَى عَلَيَّ، فَدَعَوْتُهَا الْيَوْمَ فَأَسْمَعَتْنِي فِيكَ مَا أَكْرَهُ، فَادْعُ اللهَ أَنْ يَهْدِيَ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «اللهُمَّ اهْدِ أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ»، وفيه: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ أَبْشِرْ قَدِ اسْتَجَابَ اللهُ دَعْوَتَكَ وَهَدَى أُمَّ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَحَمِدَ اللهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ وَقَالَ خَيْرًا. أخرجه مسلم.
وقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ دَوْسًا عَصَتْ وَأَبَتْ، فَادْعُ اللَّهَ عَلَيْهَا، فَقِيلَ: هَلَكَتْ دَوْسٌ، قَالَ: (اللَّهُمَّ اهْدِ دَوْسًا وَأْتِ بِهِمْ) أخرجه البخاري ومسلم.
وعدم الدعاء لا يعني عدم انكار المنكر والتحذير من المعصية، مع مراعاة الرفق واللين في إنكار المنكر وبيان شفقته وحرصه على صلاحه، لما فيه من حقوق الجيرة عليه.
- الموضوع الفقهي
- حكم الدعاء على أهل المعاصي
- عدد القراء
- 196