- الباب الفقهي
- فتاوى أخرى
- المفتي
- الشيخ د. عبد الوهاب الطه
- عنوان الفتوى
- حكم التصوير
- السؤال
- ما حكم الإسلام في الصور الشمسية والمصورين والنحاتين لتماثيل الشعراء والأدباء ونصبها في ساحات المدينة وهل تجوز الصلاة في ستوديو للتصوير وما حكم الشرع في الصور المجسمة وما رأيكم في الأوراق والأزهار والأثمار الاصطناعية وتسجيل الأصوات وإذاعتها وسماعها بعد موت أصحابها؟
- الجواب
-
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين.. والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن اتبع هديه. وبعد؛
فإن صروح الحضارات تؤسس على النظم السديدة المعتمدة على العدل والقوة والعلم النافع والمجد، وتنهار باللهو والترف والانحراف والسرف، فألف تمثالٍ وألف مسرح وألف أغنية حماسية لا تساوي مدفعاً مضاداً للجو، ولا أخال ما ذكرت أخي الكريم في صدر سؤالك أمجاداً أو بطولات أو أعمالاً بناءة.
لذا فقد ورد في حديث البخاري ومسلم عن الصديقة عائشة رضي الله تعالى عنها وعن أبيها قالت: قدم رسول الله ﷺ من سفر، وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله ﷺ تلوّن وجهه وقال: يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله، قالت فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين- وفي رواية:- فاتخذت منه نمرقتين فكانتا في البيت يجلس عليهما (2)
نفهم من الحديث أن النبي ﷺ أخبر بحرمة اقتناء ما فيه صورة ذي روح نقشاً على مثل القماش(3) ونفهم منه أيضاً أن تقطيع القرام جَعَلَ الصورةَ مجزأة وكون الجزء منه صورة الحيوان على شكل لا يعيش به إذا امتهن وجعل نمارق توطأ ويجلس عليها كما في نهاية الحديث- جائز، وإلا لما أقرها عليه الصلاة والسلام أو جلس على النمرقة، ويُفهم أيضاً أن الصورة التي لا يعيش فيها ذو الروح عليها لو لم تمتهن بالفرش والوطء؛ كأن تعلق على الجدار حرم اقتناؤها، لأن ذلك يؤذن بالتعظيم لا بالامتهان، ولذلك فإن أخذ الصور غير كاملة للحاجة مشروع بل ضروري لمثل الهوية وجواز السفر ونحو ذلك، أما التعليق والتكبير فغير ضروري ومنهي عنه، وللفقهاء في هذا الموضوع كلام كثير وواسع*، وهذا ما رجحه المحققون من أئمتنا، ورغم أن الله ما جعل علينا في الدين من حرج؛ إلا أن من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومتى ثبت للمسلم نهي الشرع عن شيء اجتنبه من غير توان، لأن الشرع لا ينهى عما يجلب نفعاً أو يحقق مصلحة (... وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، (إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون)، وقد ذكر علماؤنا رحمهم الله تعالى: إن النهي عن اتخاذ الصور لئلا تتخذ وتعظَّم وقد يجر ذلك إلى عبادتها، فالنهي عنها من باب سدّ الذرائع، ولا يستبعد مع الجهل شيء، ومرور الزمان.
فقد ورد بطرق عديدة وأسانيد جيدة: أن بعض أصنام الجاهلية سمي بأسماء رجال صالحين، صورت أول الأمر بدافع الاعتزاز والذكرى فلما طال الأمد وتراكم الجهل بالشرائع جَرَّت الذكرى إلى العبادة، فمن هؤلاء: وَدّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر، وكانوا رجالاً صالحين وبالتالي صاروا أرباباً وآلهةً، وقد حكى القرآن هتافات وتوصيات الجهلة فقال تعالى حكاية عنهم: (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعاً ولا يغوث ويعوق ونسراً وقد أضلوا كثيرا(3) والله أعلم.
(1)راجع: فتح الباري شرح صحيح البخاري ج10/ ص325، والقرام: ستارة فيها صورة ذي روح كالتي توضع على النوافذ والسهوة كالخزانة في الجدار توضع فيها الأمتعة وزائد المتاع، فتستر فوهتها ليبدو منظر الغرفة جميلاً.
(2)مما يؤسف له أن الناس أكثروا من التماثيل المجسمة المحرمة بدون انتباه مثل فارس فوق ساعة الجدار، وفتى على منفضته الدخينة. . *علماً بأن لعب الأطفال عموماً مجسمة ومصورة جائزة، وقد أقرها النبي ﷺ لألعابهم وتسلياتهم.
(3)راجع: تفسير روح المعاني للشهاب أبي الثناء الآلوسي جـ 29/77، أخرج الرواية البخاري وابن المنذر وابن مردويه.
- الموضوع الفقهي
- حكم التصوير
- عدد القراء
- 186