ما حكم الصيام في البلاد التي يطول نهارها كثيرا؟ جزاكم الله خيرا
- الباب الفقهي
- العبادات / الصيام
- المفتي
- الشيخ الدكتور ضياء الدين الصالح
- عنوان الفتوى
- الصيام في البلاد التي يطول نهارها كثيرا
- السؤال
- ما حكم الصيام في البلاد التي يطول نهارها كثيرا؟ جزاكم الله خيرا
- الجواب
-
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسوله الأمين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين؛أما بعد:
فقد فرض الله تعالى الصيام على عباده المؤمنين عموما، فقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾[البقرة:183]، وبيَّن مدة ابتداء الصوم وانتهاءه، فقال تعالى: ﴿وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾[البقرة :187]، وهذا شرع عام لكل مكلف.
والمسلمون الذين يعيشون في هذه البلدان أو ما تسمى - بالاسكندنافية- داخلون في هذا العموم ،فمن شَهِد رَمَضان مِن الْمُكَلَّفِين وَجَب عليه أن يصوم، سواء طال النهار أو قَصُر، فإن عَجِز عن إتمام صيام يوم وخاف على نفسه الموت أو المرض جاز له أن يُفْطِر، وعليه قضاء ما أفطره في أيام أخر، ومن حكمة الشارع جل وعلا أن تكون بعض التكاليف فيها مشقة ليميز الله تعالى بذلك الخبيث من الطيب، والله لا يكلف نفسا إلا وسعها، (فلا تكليف إلا بمقدور) فمن كان له عذر يبيح الفطر فله أن يترخص بالفطر، وليعلم أن الأجر على قدر المشقة والنصب، بحيث تكون مشقة في ذات التكليف لا مشقة يحدثها المكلَف في الفعل .
وقد ذهب أكثر أهل العلم على أن المسلمين عموما المتواجدين في تلك الدول التي يطول نهارها كثيرا حتى يصل إلى العشرين ساعة وأكثر أو يقصر أحيانا، وكان مجموع زمانهما أربعاً وعشرين ساعة؛ أن يصوموا رمضان في النهار كله سواء طال أم قصر، لقوله تعالى:﴿ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ﴾ [البقرة: 187]،وقوله عليه الصلاة والسلام في الإفطار: ((إذا أقبل الليل من ههنا، وأدبر النهار من ههنا، وغربت الشمس فقد أفطر الصائم)) متفق عليه.
فهذه النصوص تدل على أنه مادام هناك تمايز بين الليل والنهار فالواجب الصيام، وأنه لا يجوز الاعتماد على البلاد الإسلامية المجاورة في التوقيت، ولا اعتماد توقيت بلاد الحرمين الشريفين، لأن هذه البلاد التي يسكنها يكون فيها ليل ونهار يتميز أحدهما عن الآخر، فهو كما لو كان في بلده الأصلية.
وقال أهل العلم :من كان مقيما في بلاد يستمر نهارها إلى عدة أشهر، ويستمر ليلها كذلك عدة أشهر، وجب أن يقدروا للصلاة أوقاتها ويحددوها معتمدين في ذلك على أقرب بلاد إسلامية إليهم تتمايز فيها أوقات الصلوات المفروضة بعضها من بعض، وقد ثبت أن النبي ﷺ حَدَّث أصحابه عن المسيح الدجال، فقالوا: مَا لَبْثُهُ فِي الْأَرْضِ ؟ قَالَ: ((أَرْبَعُونَ يَوْمًا، يَوْمٌ كَسَنَةٍ، وَيَوْمٌ كَشَهْرٍ، وَيَوْمٌ كَجُمُعَةٍ، وَسَائِرُ أَيَّامِهِ كَأَيَّامِكُمْ . قُلْنَا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَذَلِكَ الْيَوْمُ الَّذِي كَسَنَةٍ أَتَكْفِينَا فِيهِ صَلَاةُ يَوْمٍ ؟ قَالَ: لَا، اقْدُرُوا لَهُ قَدْرَهُ)) رواه مسلم، فلم يعتبر اليوم الذي كالسنة يوماً واحداً يكفي فيه خمس صلوات، بل أوجب فيه خمس صلوات في كل أربع وعشرين ساعة، وأمرهم أن يوزعوها على أوقاتها اعتباراً بالأبعاد الزمنية التي بين أوقاتها في اليوم العادي في بلادهم، وكذلك يجب عليهم صيام شهر رمضان، وعليهم أن يقدروا لصيامهم فيحددوا بدء شهر رمضان ونهايته، وبدء الإمساك والإفطار في كل يوم منه ببدء الشهر ونهايته، وبطلوع فجر كل يوم وغروب شمسه، في أقرب البلاد إليهم التي يتميز فيها الليل من النهار.
والله تعالى اعلم
- الموضوع الفقهي
- أحكام الصيام
- عدد القراء
- 203